لا يستطيع أحد منا أن ينكر أن ما يمر به العالم الآن من جائحة قد تكون نقطة الفصل والحسم بين حقبتين زمنتين مختلفتين … ليس فقط فى الأحداث والأشخاص ولكن فى هذه المرة يكون الإختلاف فى ترتيب الأولويات وإعادة توصيف المعايير والمفاهيم … ليس فقط فى المجال الإقتصادى ولكن فى شتى مناحى الحياة …!!
والجدير بالذكر أن هذا الأمر كان متوقع أو بمعنى أدق هو نتائج طبيعية بعد الخروج من أى أزمة عالمية كما حدث فى الأزمة العالمية الإقتصادية لعام 2008 ولكن الغير متوقع فى هذه الأزمة أن إدارة ما بعد الأزمة لابد أن يكون التفكير خارج الصندوق ولا يكون تفكير نمطى ممنهج .
قد يبدو هذا الكلام ملفت للإنتباه أو مشتت للإنتباه ما بين هذا وذاك تكمن الحلول وتطرح البدائل … نعم البدائل التى تم طرحها منذ بداية الألفية الثالثة عندما تنبأ الغرب بأن الاستمرار فى الإقتصاد النمطى ينذر بحدوث إنهيار إقتصاد عالمى إذا حدثت أى كارثة عالمية .
ومن هنا إنقسم الإقتصاديون إلى فريقين فريق يعمل على إدارة الأزمة ، وفريق يعمل على إدارة ما بعد الأزمة
وكان هدف كلا من الفريقين التفكير خارج الصندوق لإيجاد الحلول الغير تقليدية التى كانت متبعة فى إدارة الأزمات السابقة سواء العالمية أو المحلية ..
ففى العهد السابق من طرق إدارة ما بعد الأزمات الإقتصادية التى تمر بها البلاد هى عملية “الدولرة” ( Dollarization) … وتعرف الدولرة على أنها عملية إحلال للعملة الأجنبية محل العملة المحلية .. وتتم عملية الإحلال إما بشكل كامل كأن تقوم الدولة بإتخاذها عملة رسمية أو بشكل جزئى أن يعتمد عليها بعض الأشخاص والمؤسسات فى تعاملاتهم .
ولا تنحصر عملية الدولرة إلى تحويل العملة إلى دولار أو يورو – ولكن إلى أى عملة أجنبية ذات ثقل إقتصادى قوى .
ويلجأ الإقتصاديون إلى هذه العملية للحفاظ على الإقتصاد ومحاولة النهوض به بعد أى كارثة أو حرب أو إنهيار إقتصادى .
والسؤال الذى يطرح نفسه الآن أمام هذه المعطيات سالفة الذكر … هل يلجأ بعض دول العالم بعد جائحة فيروس ” كورونا ” … الطرق النمطية سالفة الذكر للنهوض بالإقتصاد .
الإجابة كانت قبل حدوث أزمة فيروس ” كورونا ” ببضع سنوات حينما بدأ الغرب فى إستخدام العملات الرقمية المتمثلة فى ” البيتكوين و الإيثريوم ولايتكوين وريبل “
كل هذه العملات هى عملات رقمية يمكن مقارنتها بالعملات الأخرى مثل اليورو والدولار لكن مع وجود عدة فروق من أبرزها أن هذه العملات هى عملات إلكترونية بشكل كامل كما أنها تتداول عبر الأنترنت فقط دون وجود فيزيائى لها … وتتم هذه المعاملات بشبكة الند للند بين المستخدمين دون وسيط من خلال إستخدام التشفير .
ويعد البيتكوين من أشهر تلك العملات الرقمية ويمكن إستبدالها بمنتجات وعملات مختلفة …
حيث وصل عدد مستخدمى عملة البيتكوين على مستوى العالم حتى نهاية 2019 إلى ما يقرب من 5.8 مليون مستخدم بالإضافة إلى وجود أكثر من 100.000 مؤسسة تجارية تعتمد فى تعاملتها على البيتكوين .
ومن هنا يتضح لنا أن البيتكوين قد يكون حل من الحلول البديلة للنهوض بالإقتصاد العالمى فى الفترة القادمة بعد زوال جائحة ” كورونا “.
فالأيام القادمة سوف تكون محل تساءل للعديد من الإقتصاديون هل الحلول النمطية هى طوق النجاة أم الحلول الغير نمطية كإستخدام العملات الرقمية فى الاستثمار هى الحل الأمثل .؟
هذا ما سوف تسرده الأيام القادمة …
رؤية وتحليل .. مهندس / عمرو عباس رضوان