انتهت منذ أيام قليلة فعاليات معرض إيديكس 2018 الخاص بالأسلحة ومعدات الدفاع والأمن، وذلك بعد عقده ولأول مرة فى جمهورية مصر العربية بل وفى المنطقة بأسرها. ويدل ذلك المعرض على مدى ما تحقق من طفرة هائلة فى إستراتيجية إعداد المعارض، وتنظيمها، وحسن تسويقها، وتحقيق العديد من النتائج الإيجابية الناجمة عنها.
وبالرغم مما يمثله انعقاد ذلك المعرض من مردودات غاية فى الأهمية على المستويات المحلية، والإقليمية، والدولية، فإنه يوضح بجلاء أمرا قمة فى التأثير والفاعلية، يتمثل فى توافر القدرة على تنظيم مثل تلك المعارض بشكل يدعو للحسرة والمرارة بسبب ما فات من سنوات عدة لم تكن مصر مصنفة وفق المكانة اللائقة لها على خارطة تنظيم المعارض.
ويمكن القول بأن رواج سياحة تنظيم المعارض تعد المعطى الجوهرى والرئيسى فى صناعة السياحة، لما يترتب على تلك المعارض حال النجاح فى تنظيمها، وتواتر انعقادها، وكثرة مناسباتها، من ترويج هائل لتلك الصناعة كنتيجة طبيعية ومنطقية لما ينجم عن ذلك الترويج من انطلاقة هائلة فى كافة معطيات تلك الصناعة.
ذلك أن المعطى الأول الناجم عن النجاح فى تنظيم المعارض، هو خلق حالة من الانتعاش الفندقى بالدرجة الأولى بدلا من ترك الفنادق خاوية لأسباب عدة يأتى فى مقدمتها ما قد تتخذه بعض الدول نتيجة تسيسها لخارطة السياحة، بإصدارها قرارات أو توصيات تتضمن منع مواطنيها من الذهاب إلى دولة بذاتها، أو مدينة بعينها.
وهو الأمر الذى لا محل لوجوده إطلاقا حال النجاح فى تنظيم المعارض، لما يحيط بذلك التنظيم من اهتمام على أعلى مستوى من قبل الدول المستضيفة للمعارض، وذلك وفقا لرؤية أمنية وسياسية تضمن فى النهاية تحقيق أقصى قدر من النجاح والتأمين لضيوف تلك المعارض.
ويوضح انعقاد معرض إيديكس 2018 مدى القدرة الهائلة فى تنظيم المعارض، بدءاً من اختيار مكان انعقاد المعرض، وانتهاءً بعدد الشخصيات المدعوة لحضوره، والشركات المشاركة فى فعالياته، ومرورا فى النهاية بما نجم عن ذلك المعرض من مردودات عسكرية، وأمنية، واقتصادية، نتيجة لمعروضات المعرض من سلع، ومعدات، وأجهزة، وتجهيزات، وأسلحة، يغلب عليها طابع التطوير المصرى، نزولا على مقتضيات الحالة العسكرية والأمنية الناجمة فى النهاية عن المواجهة الحاسمة لفلول الإرهاب وتنظيماته المختلفة وفقا للواقع المصرى.
ويؤكد تنظيم ذلك المعرض وغيره من المعارض الأخرى مدى ما تحققه تلك المعارض من نجاح يرجع بالدرجة الأولى فيه إلى إتمام كافة فعاليات تلك المعارض تحت الإشراف المباشر للسيد رئيس الجمهورية شخصيا.
وهو أمر يؤكد بجلاء ما سبق المناداة به، واقتراحه، والإصرار على مضمونه، بأن كافة الملفات الخاصة بالمشكلات المصرية المتراكمة والموروثة، لا سبيل إطلاقا لمواجهتها، أو إيجاد الحلول المثلى والجذرية لإنهائها، ما لم يتم التبنى الكامل لأي من تلك المشكلات بملفاتها المختلفة، من قبل السيد رئيس الجمهورية شخصيا.
وأعود مرة أخرى إلى عرض وجهة النظر المقابلة، والمغايرة، لتلك الرؤية، والقائلة بأنه يستحيل إمكان انفراد رئيس الجمهورية بدراسة كافة ملفات الدولة الشائكة.
وأود القول فى هذا الشأن بأن هذا أمرا صحيحا للغاية، ولكن فى مصرنا الغالية لا سبيل إطلاقا لإزالة ما علا بكافة تلك الملفات من إهمال جسيم خلقته عشرات السنين الماضية، إلا من خلال إعادة بعث تلك الملفات برؤية رئاسية خالصة تلزم كافة أجهزة الدولة المختلفة بالالتزام بالتنفيذ الكامل لأدوارها المتعددة والمتنوعة والمتشابكة.
ويكفى للتدليل على صحة ذلك بشكل قاطع وحاسم، وناجز، ما يشهده المشروع القومى للطرق، وما تم بشأنه من إنجازات فى كافة المحافظات، وذلك بعد اتخاذ إجراءات سيادية بتمرير بعض تلك الطرق فى أملاك دولة، أو فى أراضى تحت يد العديد من الأجهزة السيادية، والتى ما كان يمكن إطلاقا قبولها للتفريط فى متر واحد منها مهما كانت الظروف والمبررات.
وتشهد منطقة الكيلو أربعة ونصف فى بداية طريق السويس طفرة هائلة فى مسارات تلك الطرق، والتى لم يكن أحدا يتصور إمكان اتساعها لهذا القدر يمينا ويسارا، وشمالا وجنوبا، بسبب وجود مثل تلك الطرق ملاصقة للعديد من المنشآت ذات الطبيعة السيادية، والتى أمكن فى لحظات تذليل كافة معوقات التوسعة بشكل لم يكن أحد يتصور مجرد التفكير فيها.
ومازالت هناك عشرات الملفات التى تنتظر السيد رئيس الجمهورية شخصيا لاتخاذ قراراته الجريئة والسيادية نحو حلها حلا جذريا يأتى فى مقدمتها بالطبع مشكلات التغول على مسار نهر النيل من أول بدايته على الحدود المصرية السودانية، وانتهاء بمصبه فى فرعى رشيد ودمياط.
وهو تغول لا يمكن إطلاقا أن تنجح فيه جهود وزارة الموارد المائية والرى، والتى تعد من وجهة نظرى الشخصية المسئول الأول عن كافة المخالفات المرتبكة على مسار ومسطاح النهر منذ عشرات بل ومئات السنين الماضية، وبشكل يجعلها غير قادرة، بل وعاجزة تماما عن مواجهة مثل تلك المخالفات وما أعقبها من مخالفات جديدة.
ثم يعقب تلك المشكلة مشكلة أخرى لم تعد تجدى أية جهود أو قرارات أو رؤى أو تصورات، أو إستراتيجيات فى حلها حلا جذريا على شاكلة ما اتخذته العديد من الدول الأخرى فى مواجهة مثل تلك المشكلة المسماة بمشكلة تدوير المخلفات بأنواعها المختلفة، والوصول من خلال حل تلك المشكلة إلى استخراج العديد من المواد والعناصر التى تعد هامة للغاية فى تطوير الصناعات فى مجالاتها المختلفة.
وهى المشكلة التى تشهد كافة المحافظات، والمدن، والقرى، مظاهر تنطق بالسوء نتيجة عدم الوصول إلى حلول جذرية ذات طبيعة قومية للتعامل مع مثل تلك المخلفات. وهى مشكلة أيضا لا سبيل لحلها حلا جذرية إلا من خلال فتح ملفها بصورة عامة وشاملة، وناجزة، بمعرفة السيد رئيس الجمهورية شخصيا.
يضاف إلى ذلك بالطبع مشكلة انفلات الأسواق فى كافة ما تقدمه من سلع وخدمات يحرص السيد رئيس الجمهورية من وقت لآخر على إصدار توجيهاته المباشرة للحكومة بمستوياتها المختلفة على تكتيف الرقابة الفاعلة على مثل تلك الأسواق. إلا أنها توجيهات ما يلبث الحال على فرض نسيانها، وكذلك فرض أعمال السطوة والسيطرة والنفوذ على مجرياتها اليومية بصورة تنال فى النهاية من أرزاق المواطنين، أمام جشع التجار والمستوردين.
وهو ملف أعتقد أنه يحتاج أيضا لتدخل مباشر من قبل السيد رئيس الجمهورية لتوسيع نطاق الأسواق التابعة لجهات سيادية، أو التابعة مباشرة لوزارة التموين، وتعظيم أعداد السلاسل الدولية بفتح عشرات من أسواقها، وذلك لكبح جماح التجار الجشعين، والمستوردين الناهبين.
ويعد خير دليل على نجاح تلك الرؤية وضرورة تعظيم قدرها ما تم إنجازه فى مجال إنتاج الكهرباء والطاقة المتجددة، وذلك نتيجة تبنى السيد رئيس الجمهورية شخصيا لذلك الملف بعد سنوات عجاف كانت شكوى الكافة فيها من استمرار انقطاع التيار الكهربائى بصفة دائمة.
ولقد تمت أولى خطوات مواجهة تلك المشكلة بعقد اجتماعات متوالية مع رئيس مجلس إدارة شركة سيمنس العالمية وكذلك شركة جنرال الكيتريك، باعتبارهما من الشركات المتخصصة فى مجال إنشاء وتجهيز وتشغيل محطات إنتاج الكهرباء العملاقة، والتى نجحت جهود رئيس الجمهورية فى إنجاز عدد من تلك المحطات تم افتتاحها بعدما اطمأنت تلك الشركات العملاقة بجدية التعامل مع مصرنا الغالية رئيسا، وحكومة، وشعبا.
ويأتى أيضا فى هذا الشأن نجاح السيد رئيس الجمهورية مؤخرا فى الالتقاء بالمدير التجارى الأول لشركة مرسيدس بنز، والاتفاق المبدئى مع الشركة على إنشاء خط لإنتاج السيارات الكهربائية، والسيارات ذاتية القيادة، لاستخدامها فى العاصمة الإدارية الجديدة، والتى تعد نموذجا متفردا فى إنشاء تلك المدينة التى لم يكن أحدا من المصريين أو غير المصريين يراوده أملا أو حلم فى إمكان إنجازها فى تلك الفترة الزمنية الهامة.
كلها أدلة قاطعة على أن كافة ملفات المشكلات الموروثة والمزمنة، والمتراكمة فى مصرنا الغالية لا سبيل إطلاقا لمواجهتها، أو التفكير فى وضع الحلول لها، أو تجاوز ذلك كله للبدء فى إجراءات مواجهتها، ما لم يتم ذلك من خلال تبنى كامل من السيد رئيس الجمهورية، لاتخاذ القرارات المصيرية بشأن التعامل مع تلك المشكلات، ونسف ما علاها من صدأ، وتجاوزات.
ويضاف إلى ذلك كله ما تشهده المؤسسة العسكرية فى تلك الآونة بالذات من تطور هائل فى مجالات التسليح، والإعداد، والتأهيل، والتدريب، بل وتجاوز ذلك كله إلى مجالا لم يكن إطلاقا مشهودا خلال عشرات السنين الماضية، بإتاحة الفرصة لمناورات عسكرية مشتركة مع كافة الدول الشقيقة والصديقة يأتى فى مقدمتها تلك المناورات العملاقة التى تمت فى قاعدة محمد نجيب العسكرية، والتى اشترك فيها أكثر من عشرين دولة على رأسها الولايات المتحدة الأمريكية، والمناورة التى تمت مؤخرا في مياه البحر الأبيض المتوسط بين مصر وقبرص واليونان، ثم تلاها مناورات أخرى مع كل من إيطاليا، وأسبانيا، ومؤخرا مع فرنسا فى مياه البحر الأحمر.
بالإضافة إلى تلك المناورات الدائمة والمستمرة ذات الطبيعة الإستراتيجية مع كل من الولايات المتحدة الأمريكية، والدول الخليجية الشقيقة، وباقى الدول العربية الأخرى. وهى المناورات التى أصبحت تقطع بتصحيح كافة دول العالم بمفهومها المغلوط والسيئ، والمتآمر، على النظر لما تم فى 30 يونيو باعتبارها ليست ثورة وإنما انقلابا عسكرية.
ولعل ذلك كله يؤكد بجلاء أن كافة مشكلاتنا لا سبيل لحلها إلا بتبنى رئاسى قادر فى كل الظروف والأحوال على اتخاذ الأمثل ذو الطبيعة الشفافة، والجريء فى التفكير فيه، والناجز لإجراءاته ونتائجه، وذلك كله لصالح مصر وشعبها العظيم.