

الوكيل : فريق مهمة المراجعة المتكاملة للبنية التحتية النووية للوكالة الدولية ثمن جهود مصر فى تطوير بنيتها التحتية استعدادا لمرحلة إنشاء المحطة النووية
الوكيل : مصر تمتلك اجيالا واجيال من العلماء والخبراء المتميزين في مجال الطاقة النووية وهو ما يؤهلها تماما للدخول في هذا المجال بقوة.
وليد البهنساوى
على هامش المؤتمر العربى الخامس حول آفاق توليد الكهرباء وتحلية مياه البحر بالطاقة النووية بعنوان مستقبل الطاقة النووية رد الدكتور امجد الوكيل على كافة الاسئلةالمتعلقة بالبرنامج النووى السلمى لمصر حيث شرح خطوات مصر منذ الستينيات وحتى عصر الرئيس السيسى الذى اطلق اشارة بدء المشروع مع الجانب الروسى واشار الى اشادة الوكالة الدولية بمصر فى جهودها لتطوير بنيتها التحتية للدخول فى هذا المجال وفيما يلى ما جاء على لسان الوكيل :
1 -في ظل الإكتشافات الواعدة للغاز الطبيعي والبترول على الأراض المصرية، ومع تبني مصر في رؤيتها المستقبلية 2030 لسياسات التنمية المستدامة وتنويع مصادر الطاقة وزيادة نسبة مشاركة الطاقات الجديدة والمتجددة ضمن مزيج الطاقة، فما الذي يدفع نحو الاهتمام بخيار الطاقة النووية في مصر؟ وكيف تقارن الطاقة النووية بخيارات تولید الكهرباء الأخرى في مصر؟ وما هي أهم المزايا والمحاذير وقدرتها التنافسية الاقتصادية مقارنة بخيارات توليد الكهرباء الأخرى؟
اولا – اسمح لي ان اعطي نبذة مختصرة عن تاريخ الطاقة النووية في جمهورية مصر العربية حيث أن مصر كانت من الدول القليلة الافريقية والعربية التي ادركت منذ منتصف القرن الماضي اهمية الطاقة النووية واستخداماتها السلمية فانشأت هيئة الطاقة الذرية في منتصف القرن الماضي تلاها تشغيل مفاعل مصر البحثي الأول في الستينات ثم انشاء هيئة المحطات النووية عام 1976 ثم هيئة المواد النووية عام 1977 واخيرا هيئة الرقابة النووية والاشعاعية عام 2012…. ربما تأخرت مصر في تنفيذ برنامجها النووي فيما يخص الطاقة النووية لاسباب سياسية أو تمويلية أو كليهما ولكن في النهاية نجحت مصر في انهاء المرحلة الأولي من تنفيذ برنامجها النووي عام 2007 عندما أعلنت القيادة السياسية حينذاك عن قرارها الاستراتيجي بتبني الطاقة النووية كأحد الخيارات الأساسية لمزيج الطاقة والبدء في انشاء عدد من محطات الطاقة النووية…ثم في عام 2014 ومع تولي السيد الرئيس عبد الفتاح السيسي قررت مصر الانتقال من المرحلة الثانية من تنفيذ برنامجها النووي الي المرحلة الثالثة وذلك من خلال طرح محطة الطاقة النووية بالضبعة ومن خلال شريك استراتيجي حيث اسفرت المباحثات عن اختيار الجانب الروسي كشريك استراتيجي لمصر في بناء مشروعها النووي وتم توقيع العقود واطلاق اشارة البدء للمشروع في ديسمبر 2017 برعاية القيادة الساسية في البلدين. حقيقة الأمر أن مصر تمتلك اجيال واجيال من العلماء والخبراء المتميزين في مجال الطاقة النووية وهو ما يؤهلها تماما للدخول في هذا المجال بقوة.
بالنسبة للسؤال المطروح حول اهمية الطاقة النووية كخيار في مزيج الطاقة فانه بلا شك خيار اساسي لا غني عنه لكثير من الأسباب منها:
1. الحفاظ على موارد الطاقة التقليدية من البترول والغاز الطبيعي حيث أنها موارد ناضبة وغير متجددة بالإضافة إلى تعظيم القيمة المضافة من خلال هذه المصادر كمادة خام لا بديل لها في الصناعات البتروكيميائية والأسمدة
2. ايضا الطاقة النووية هي أحد مصادر الطاقة النظيفة وتلعب دورا بارزا كأحد الحلول الجوهرية لتقليل انبعاثات الكربون ولمجابهة ظاهرة الاحتباس الحراري والحفاظ علي البيئة
3. ايضا الطاقة النووية لها دور لا غني عنه في تطوير الصناعة الوطنية من خلال برنامج طويل المدى تتصاعد فيه نسب التصنيع المحلي في كل وحدة جديدة طبقا لخطة واضحة وملتزم بها، مما سيحدث نقلة نوعية هائلة في جودة الصناعة المصرية وإمكانياتها ويزيد
من قدرتها التنافسية في الأسواق العالمية.
4. ايضا مشروعات الطاقة النووية تعد من المشاريع العملاقة والإستثمار في هذه النوعية من المشاريع يعطي إنطباع بالقوة والثقة في الإقتصاد المصري مما يسهم في تحسين مناخ الاستثمار في الدولة، حيث أن قطاع الطاقة يعد القاطرة لقطاعات إقتصادية متعددة
5. أيضا لا شك أن الطاقة النووية تمتاز بالمأمونية وثبات سعر الطاقة الكهربية المنتجة وتنافسيتها وعدم تأثرها بالتقلبات السريعة والحادة التي ربما تنشأ في مصادر الطاقة الاخري.
6. إضافة إلى ما تم ذكره فان المشروع النووي سيعمل علي ايجاد فرص عمل سواء بطريقة مباشرة أو غير مباشرة من خلال الانشطة المصاحبة للمشروع.
7. كما سيؤدي المشروع الي رواج اقتصادي في منطقة موقع الضبعة والمناطق المحيطة من خلال فتح أسواق جديدة اثناء عمليات الانشاء والتشغيل لتدبير احتياجات المعيشة اليومية
8. ايضا الاستفادة من تطوير البنية التحتية من مرافق (مياه – كهرباء – طرق – اتصالات) كما سيتم الاستفادة من تطوير الخدمات الصحية (مستشفيات متطوقر – خدمات اسعاف۔ ….) والتعليمية (مدارس فتية متطورة – واقسام جامعية والترفيهية (حدائق – متنزهات – دور
للسينما – ….).
9. يمكن لبرنامج المحطات النووية أن يكون نواة للبحث العلمي والتطوير التكنولوجي حيث أنه وثيق الصلة بمجالات تكنولوجيا المعلومات والاتصالات والهندسة المدنية والميكانيكية والكهربائية وبعلوم البيئة وغيرها لذا لا شك أنه يمكن القول أن مشروعات الطاقة النووية السلمية أحد الركائز الاستراتيجية الوطنية للتنمية المستدامة
2 مصر دائما بمكانتها الريادية في المنطقة العربية والشرق الأوسط وبصفتها الشقيقة الكبرى وأحد الدول المؤسسية لجامعة الدول العربية، فما هو الدور الإقليمي الذي يمكن أن تودية مصر (المنشآت ، الموارد البشرية لدعم البرامج النووية للدول العربية الشقيقة؟ وما هي أهم الدروس المستفادة التي تقدمها مصر للدول العربية في ضوء النجاح الذي حققته مهمة خبراء الوكالة الدولية للطاقة الذرية منذ شهر مضى لمراجعة تطوير البنية التحتية النووية في مصر؟
مصر دائما داعمة لجهود جامعة الدول العربية كأداة رئيسية للعمل العربي المشترك، وبما يساهم في تعزيز المسيرة العربية المشتركة. كما تولي مصر اهتماما كبيرا للتعاون العربي الجماعي في مجالات العلم والتكنولوجيا والتعليم والثقافة، وكذلك تنمية العلاقات الثنائية بين الدول العربية لا شك أن تعزيز التعاون العربي والدولي في المجال النووي يؤدي إلى تقليل المخاطر بالنسبة الكل بلد نتيجة لتضافر الجهود ومشاركة الخبرات وتبادل الممارسات الجيدة بين الدول
وقد دعمت مصر دائما التعاون الإقليمي ولعبت دورا رئيسيا في تقاسم والحفاظ على المعرفة فيما يخص الأمن والأمان النوويين في المنطقة. وكمثال على التعاون الإقليمي الفعال ، يمكن ذكر الشبكة العربية للمراقبين النوويين Arab ANNuR) Regulators Network of Nuclear) التي تضم 22 دولة عضو وهذه الشبكة لا تجمع فقط الدول الأعضاء من الدول العربية المهتمة بتطوير المحطات النووية، ولكن أيضا تلك التي تستخدم التطبيقات النووية الأخرى مثل التطبيقات الطبية والصناعية والبحثية والزراعية وغيرها) .
• ايضا الهيئة العربية للطاقة الذرية تمثل مثالا آخر لدعم مصر للعمل العربي المشترك من خلال دورها المؤسس في هذه المنظمة العلمية العربية المتخصصة التي تعمل في نطاق جامعة الدول العربية وتعني بالعلوم النووية وتطبيقاتها في المجال السلمي كما تسعى إلى تطوير العمل العلمي العربي المشترك ومواكبة التقدم العلمي والتقني العالمي ومن خلال استضافتها للفاعليات التي تنظمها الهيئة العربية مثل هذا المنتدي وغيره من المنتديات الاخري
أما بالنسبة لمهمة خبراء الوكالة، أولا سالقي نظرة عامة على المهمة المصرية، فقد أنهی بنجاح فريق من خبراء الوكالة الدولية للطاقة الذرية مهمة استغرقت 11 يوما في جمهورية مصر العربية بداية من 27 أكتوبر 2019 وحتي 6 نوفمبر وذلك بهدف مراجعة تطوير البنية التحتية لبرنامج الطاقة النووية؛ حيث يتم مراجعة 19 بندا للبنية التحتية وقد تمت المهمة بدعوة من الحكومة المصرية ممثلة في هيئة المحطات النووية لتوليد الكهرباء كونها المالك والمشغل لمحطات القوى النووية في مصر.
وقد أعرب فريق مهمة المراجعة المتكاملة للبنية التحتية النووية بأن مصر قامت بجهود مكثفة لتطوير بنيتها التحتية استعدادا لمرحلة إنشاء المحطة النووية وهو الأمر الذي يوضح مدى الدعم القوي الذي توليه الحكومة المصرية لمشروع المحطة النووية بالضبعة وذلك من خلال التزام واضح بمعايير الأمن والأمان النوويين وعدم الانتشار، كما أشار فريق المراجعة إلى أن مصر قد قامت بسن تشريعات وطنية شاملة مهدت لتوقيع الاتفاقية الحكومية الإطارية وإبرام عقود إنشاء وتشغيل المحطة النووية الأولى، وفي ضوء ذلك فقد تم تأسيس كل من هيئة المحطات النووية لتوليد الكهرباء وهيئة الرقابة النووية والإشعاعية المصرية وكل من الهيئتين يحظيان بخدمات إستشارية سواء كانت فنية أو قانونية من أجل تقديم الدعم والتطوير للبنية التحتية، بما في ذلك تنمية القدرات البشرية
أما الدروس المستفادة من هذه المهمة فتتمثل في أهمية الدعم الحكومي والوطني لمثل هذه المشروعات لتوفير الدعم اللازم و أيضا أهمية الموارد البشرية اللازمة وتوافقها مع متطلبات كل مرحلة من مراحل المشروع المختلفة حيث أن الموارد البشرية هى قاطرة التنمية وكذا أهمية وجود بنية مؤسسية لإدراة البرنامج النووي والمشروعات النووية تتطلب التخطيط السليم والعمل الجاد والتعلم من تجارب الآخرين ، وختاما أود أن أنوه أن النجاح لا يتأتي إلا بالعمل الجاد و التفاني.