ليس منَّا إلّا ويتعرض لضغوطٍ أو عقبات في حياته،…. فهذه سنة الحياة وطبيعتها،…لكن هناك للأسف الشديد في بعض الحالات من قد يقابلون مشكلات و ضغوط وعثراتٍ بالحياة- ،… و يلجأون إلى الهروب منها بدلاً من المواجهة والتماس سبُل الحلّ،… وهناك من تقوده الأوهام إلى تعاطي المخدرات ظناً منه أنها قد تهوِّن عليه الصعاب أو بحثاً عن متعة هي في حقيقتها قاتلة ،…وإن شئنا الدقة فهي ليست إلا ” زُحْليقة ” سرعان مايجد من يمتطيها نفسه وقد اصطدم سريعاً بقاعها بمنتهى القسوة،… وأضاف إلى مشاكله وأزماته الواقعة: مصيبة،… !
ومن يظن أنه يسيطر على تعاطيه،… أذكر له اقتباساً شاع ذكره بين السادة – الأبطال- المتعافين من مرض الإدمان: ” أن جرعة واحدة من المُخَدِّر هي أكثر من اللازم- أي في تأثيرها- ،… ثم آلاف الجرعات بعدها لا تكفي!”،…وبالنظر إلى الإدمان تفسيرًا وعلاجاً،… فإنه في حقيقته مرضٌ يتجاوز علاجه انتهاء أعراض انسحاب المواد المخدرة من الجسم،… مرضٌ لاينبغي ولا يصح النظر إلي صاحبه بغير أنه مريض يحتاج إلى علاج،… غير أن الصورة التقليدية القاصرة للمدمن الذي يعاني أعراض الانسحاب وأنها فقط هي العلاج،… هي ماتحتاج إلي تصحيح،… فالانتكاس بعد علاج أعراض الانسحاب واردٌ،…إن لم يتم بحث الأسباب الأساسية المؤديَّة إلي اللجوء للمخدرات وعلاجها،… مثل عدم القدرة على التعامل السويِّ مع الضغوط الحياتية أو الانغماس في الماديات أو رفاق السوء،أو الفراغ،….. و قد آن لنا تعديل تلك النظرة الفوقية المَقِيتة إلى من وقع فريسة الإدمان أو “التعوُّد”كما اصطلح مؤخراً أنه أنسب لوصف المرض،… والمصاب به إن هو إلا ” مريض ” يحتاج إلى “علاج” ،… واجبنا نحوه أن نتعاطف مع مرضه بأن نأخذ بيده ونساعده ليستعيد احترامه لنفسه،… أن نواجه إنكاره للمرض باللين و إظهار المحبة أوبالشدة العاقلة أحياناً إن لزم الأمر،… لا نتعاطف معه فنمدّه بالمال،… بل مع مرضه أن نأخذ بيده ونساعده حتى يتعافى،.. فينجو بنفسه وأهله،… وإن كان لنا أن نلخص مراحل العلاج،.. فهي :
– بحث الأسباب والدوافع والظروف التي أدت إلى الوقوع فريسةً للمخدر،… وتحديدها.
– علاج أعراض الانسحاب،… وهي أقل خطوات العلاج صعوبة- على عكس ما قد يشاع- وإن احتاج الأمر يتم اللجوء للمتخصصين،… من الأطباء والحجز في مشفى للعلاج إن لزم الأمر،…
– علاج الأسباب والدوافع التي أدت إلى الوقوع فريسة لمرض الإدمان ومتابعة المريض ودعمه حتى تمام تعافيه،… ومساعدته حتى يرى كيف هي الحياة بعد فك طوق المخدر من حول رقبته؛ آن الأوان يا سادة أن نمدّ يد العون والدعم – بغير ذلك الاستعلاء المقيت- إلى إخوان أعزَّاء قد يكونوا بيننا ونحن لاندري،… قبل أن يحترقوا بنار فخ المخدرات،…وقد تطول من لاذنب له،…
– وليكن القانون ” ٧٣ ” -والذي قدِّرَ له أن أن يكون بنفس رقم سنة نصر أكتوبر-،…فرصة عبورٍ و انتصارٍ في الحرب ضد تلك السموم اللعينة،… فنستعيد أعزاءاً كِدْنا أن نفقدهم،… ولتكن وقفة صادقة مع النفس بالمواجهة والعلاج وتصحيح المفاهيم السلبية،… ليكن جرس إنذار،… ليستعيد المجتمع عافيته وتلاحمه الأصيل و نستعيد الإنسان اليقظ الفاعل المنتج،… لكن كيف أتعرف على المريض المتعاطي للمخدرات و السبيل تفصيلاً لعونه حتى تمام التعافي؟!،… لنا في ذلك وقفةً أخرى!
د/ عاصم صلاح الدين
مدير عام مساعد الشئون الطبية” ندباً”
عضو اللجنة النقابية
شركة رشيد للبترول