اليوم ١٧ أغسطس ٢٠٢٣ انطلاق العالم إلى الطاقات المتجددة لأن اليوم يبدأ بيع مستندات إنشاء أول مجموعة من خميسة وهو المخطط الذي يضمن تغذية مستمرة ومضمونة وآمنة للطاقات المتجددة بسعر ميسور… ولكن دعونا نلقي نظرة تاريخية لنعلم كيف حدث هذا التطور.
استغل الإنسان المصري منذ قديم الزمان طاقة سريان ماء النيل من الجنوب إلى الشمال للانتقال ونقل البضائع ولم يكن بعيدا أن يلاحظ أن الرياح الشمالية الغربية تتيح له الفرصة لاستغلالها للعودة، أي من الشمال للجنوب … فاخترع الشراع الذي ساعد السفن في جميع أنحاء العالم على الانتقال والتجارة.
وسرعان ما تبين للإنسان الفرق الشاسع بين الرحلة إلى الشمال ونظيرتها إلى الجنوب. فالأولى – في غير أوقات الفيضان – تمضي متهادية منتظمة في سرعتها بينما الثانية لها مواسم تشتد فيها الرياح بحيث يتعذر إتمام الرحلة، أو تكون بطيئة تجبر المسافر على الانتظار إلى أن تأتي الرياح بما تشتهي السفن.
مع تقدم العلوم تعلم الإنسان أنه يستطيع حجز مياه الأنهار بعمل سدود لها بوابات يفتحها وقت الحاجة لطاقة تدير له آلة – كانت في البدلية هي الرحى لطحن الحبوب – وهكذا تعلم الانسان من الطبيعة كيف يطوعها لخدمته. كذلك تعلم أن التخزين هو مفتاح تطويع الطاقات الطبيعية – وهي متغيرة بطبيعتها – وأن أفضل تخزين هو الذي يتم في مكان إنتاج الطاقة.
لذلك نجد أن الطاقة المائية هي أكثر استخدامات الطاقات المتجددة. وسرعان أن تبين أن طاقة المياه محدودة بالمكان وكذلك بالمقدار المتاح. ولكن العلم الحديث مكّن الانسان من قياس الطاقات الطبيعية فوجد أن الطاقة الشمسية في صورة أشعة الشمس الهابطة إلى الأرض هي الأكثر إتاحة إطلاقا بل هي تتعدى احتياجات البشر الحالية والمستقبلية بعشرات آلاف المرات. وتكون في الصحاري – حيث المساحات الشاسعة غير مستغلة – هي الأقوى والأقل تقلبا.
الأقل تقلبا معناه أن تخزينها – بهدف تطويعها لخدمة الانسان تبعا لاحتياجاته – لابد أن يكون أسهل من البحث عن التخزين المناسب لمدد قد تكون قصيرة (ليلة واحدة) أو تطول لعدة أيام (الخماسين) أو عدة شهور في أقصى الشمال والجنوب للكرة الأرضية.
التقدم العلمي أوصل البشرية إلى حلول تبدوا واقعية من ناحية تخزين الطاقة الشمسية الحرارية في نفس موقع إنتاجها ثم استخدامها حسب طلب مستخدمها في أي وقت نهارا أو ليلا وبصرف النظر عن الظروف الجوية مثل العواصف.
هذا الشكل يبين التقنيات المختلفة لتركيز الإشعاع الشمسي. وقد انتشر استعمال المرايا بالقطع المكافئ الطولي وتسمى أيضا “قناة القطع المكافئ” لأن أول استعمال لها كان في المعادي جنوب القاهرة في ١٩١٣ حيث كان البخار الذي تنتجه يحرك طلمبة لرفع الماء لحقول القطن آنذاك ونفذها المهندس الأمريكي فرانك شومان. أما الطبق وهو أيضا على شكل القطع المكافئ فلم يجد استعمالا على نطاق واسع لأنه ينتج كهرباء مباشرة ولم يصمد أمام منافسة الخلايا الضوئية حيث أنه مثلها لا يتيح أي تخزين إلا تخزين الكهرباء في بطاريات مثلا.
وظهرت بنجاح تقنية البرج الشمسي في اسبانيا حيث تعكس مجموعة من المرايا المتحركة أشعة الشمس على بؤرة في قمة البرج ويُدفع سائل (حامل الحرارة) إلى هذه البؤرة وبعد أن يلتقط الحرارة – التي تصل لعدة مئات درجة مئوية – يُخزّن في صهريج معزول لاستخدامه نهارا أو ليلا.
أما الرسم الأخير فهو تقنية “فرينل” بالمرايا المستوية الطولية التي تعكس أشعة الشمس على أنبوب معزول فوق المرايا.
هذه هي التقنيات الأربع المعروفة وتفرّع منها تقنيات أخرى مثل الأبراج المتعددة التي تستعمل الجرافيت لتخزين الحرارة وتقنية الانعكاسات المتعددة والتخزين الحراري في بعض المواد الصلبة. وكل من هذه التقنيات لها خواصها التي تميزها عن غيرها.
مثل كل تقنية تدخل الاستعمال الفعلي تتطور بعد عدد قليل من الشهور إلى آفاق أعلى وأداء أفضل وكذلك سعر أقل. لذلك لابد من فتح المجال – عند طلب العروض – لكل التقنيات المتاحة مع تحديد الناتج المراد الحصول عليه، لأن هذا يتيح الفرصة لتقنية تقدمت عن أخرى لإثبات صلاحيتها.
والشكل التالي يبين أمثلة لهذه التقنيات – التي كانت تعمل لعدة سنوات بنجاح – في عام ٢٠١٤ عندما كانت تقنيات التخزين الحراري في بدايتها.