






في عام ١٩٨٢ كنت في زيارة عمل لمدينة في ألمانيا (أعتقد كانت مدينة آخن Aachen) وفوجئت وانا أسير على إحدى أرصفتها أن الكسوة كانت من حجر الجرانيت المصري الاسواني مقطعة بمقاس ٦,٥ في ١١ وسمك ٢سم. وكذلك بردورة الرصيف كانت بمقاس أكبر. فتعجبت من ذلك وحزنت عندما تذكرت أيام كانت بردورات ارصفة القاهرة كلها من البزالت الصلد الذي كان كلما تقادم ظهرت لمعة دون أي تآكل. وحزنت أكثر عندما تذكرت بردورات الشوارع في القاهرة وعواصم المحافظات مصنوعة من الخرسانة المسلحة قصيرة العمر والتي مع الوقت وفساد المحليات أصبحت تستبدل كل عدة سنوات واصبحت مكوناتها من الخرسانة بكمية أسمنت قليلة تنكسر نسبة كبيرة منها في النقل. أما المدن الأصغر فليس بها ارصفة ولا بردورات.
كما لاحظت في زياراتي لنيويورك ولندن وباريس أن بردوراتهم بالكامل من الصخور النارية الصلدة التي تعيش مدى العمر. ونحن في مصر الموردة بكميات صخور نارية صلدة (جرانيت وبازالتمن جنوب مصر والصحراء الشرقية وسيناء)إلى كافة البلاد ولكن محرومين منها في بلادنا.
عندما عملت في هيئة البترول وعضوا بمجلس إدارتها وبعد أن انضمت هيئة المساحة الجيولوجية والمشروعات التعدينية الى وزارة البترول، شرعنا بعمل قانون جديد (لم ير النور إلا أخيرا) طرحت راي على الوزير أن نطالب بدلا من أخذ إتاوة من مستغلي المحاجر، نأخذها صخور نارية جرانيتية مقطعة على شكل بردورات ارصفة لنغير وجه القاهرة ونسترجع الارصفة فكان رده اننا ندخل عش دبابير لان المحليات هي المسيطرة على هذه المحاجر وايراداتها تذهب لجيوبهم. وثبت حنكته السياسية وأجهضت كل محاولاته.
كاتب المقال : الجيوفيزيائي صلاح الدين حافظ نائب رئيس هيئة البترول الاسبق للاستكشاف والاتفاقيات ورئيس جهاز شئون البيئة الاسبق