تعد مشكلة الألغام والمخلفات الخطرة من الذخائر غير المنفجرة والقابلة للانفجار والأجسام المتروكة بعد النزاعات المسلحة ، من أخطر الإشكاليات التي تؤثر بشكل مباشر على أمن وسلامة المجتمعات والبيئة والتنمية ، حتى أصبحت من أهم المشكلات التي تقف أمام تعزيز وحماية حقوق الإنسان ، بل والكائن الحي فهي تمثل انتهاك صارخ لحقوق الإنسان، على المستوى الفردي وعلى المستوى الجماعي للمجتمعات الملوثة بالألغام ومخلفات الحرب ، وتؤدى وجود هذه المخلفات إلي الحرمان من التمتع بالحقوق الأساسية، التي كفلتها الاتفاقيات والمعاهدات الدولية، كالحق في سلامة الجسد والحق في الحياة والحق في الأمن والسلامة ، والحق في البيئة النظيفة والحق في التمتع والاستمتاع بالتنمية والاستثمار ، وحق الدولة في سيادتها على أراضيها واستغلال مواردها ومقوماتها الطبيعية ، والتي حالت هذه الألغام والأجسام القابلة للانفجار دون الاستفادة منها خاصة الدول التي زرعت الألغام في أراضيها رغما عنها مثل الحالة المصرية ، حيث شهدت الصحراء الغربية لمصر “محافظة مطروح” في نطاق منطقة العلمين النهاية المأساوية للحرب العالمية الثانية بين عامي 1941 حتى نهاية الحرب في شمال أفريقيا عام 1943م ، وهي من اخطر المعارك والحروب التي دارت خلال تلك الفترة ، وذلك للمشاهد والأحداث المروعة في الصحراء المصرية ، والتي تأثر بها أهالي المنطقة تأثيرا مباشرا ، حيث طالت هذه الحرب السكان المدنيين وأثرت علي ممتلكاتهم ، فضلا عن علاقاتهم الاجتماعية من نزوح وتهجير إلى وادي النيل ومحافظة البحيرة ووادي النطرون، و على جرائم القتل غير العمد من المدنيين في مخيماتهم ، وتأثر ممتلكاتهم من الإبل والأغنام وتصدع الآبار التي تخزن فيها المياه الجوفية والمناطق الرعوية وسقوط الأموات من الغارات المفاجئة والإصابات من تأثير حوادث الانفجار الألغام ، فهي تمثل تحديا خطيرا وعائقا للتنمية والاستثمار منذ أكثر من 75 عام
وتأتي الأضرار الإنسانية والبيئية والاجتماعية والاقتصادية خاصة في مجال التنمية الزراعية والحيوانية و استخراج المعادن من البترول والغاز في الصحراء الغربية في تحدي صارخ للتنمية وتحسين الدخل للفرد و المجتمع والاقتصاد العام لمصر ككل ، و تعتبر مصر من اكبر دول العالم تلوثا بالألغام والذخائر القابلة للانفجار والأجسام المتروكة والمتخلفة عن الحرب العالمية الثانية المنفجرة ، حيث يوجد في مصر 20 % من ألغام العالم ما يقارب بــأكثر من 16 مليون جسم قابل للانفجار ما بين ألغام أرضية بنوعيها وبين قنابل وذخائر ومقذوفات مختلفة الأحجام والأوزان على مساحة تقدير بــــ 248 ألف هكتار ما يعادل 591 ألف فدان طبقا لتقرير بعثة تقييم الأمم المتحدة وبرنامج مكافحة الألغام المصري ، وميدانيا تعاني المجتمعات الملوثة بالألغام وتشهد سنويا سقوط ضحايا من المواطنين المدنيين طبقا لتقارير جمعية الناجين من الألغام للتنمية المستدامة بمطروح والتي تقوم بمتابعة الأنشطة المتعلقة بالألغام ورصد حوادث انفجار الألغام ورصد المناطق الملوثة التي يتم فيها العثور على الأجسام الخطرة وعمل برامج توعية بمخاطر الألغام بهدف تعديل سلوك الأفراد والمجتمعات الملوثة وتقليل الإصابة والوفيات بالمناطق المستهدفة ، حتى وصل الأمر إلى نطاق امتياز حقول البترول ، والتي تم العثور على ألغام بمنطقة امتياز خالدة اباتشي ووقع حادث انفجار لشقيقين يعملون لحساب احدي شركات المقاولين التابعين لشركة خالدة بعد عودتهم من العمل بالقرب من منطقة الرزاق، كما وقع حادث آخر في 14 ابريل الجاري أسفر عن سقوط احد المواطنين حيث أصيب ببتر سلميات كف اليد اليمني وجروح مختلفة في أنحاء الجسم بالقرب من منطقة حقل طارق وبجوار خط أنابيب بدر لدين المتجهة من منطقة الأبيض إلى الحمرا ، كما تم العثور على أجسام قابلة للانفجار شمال منطقة الأبيض نطاق شركة بدر الدين
لذا وجب الحيطة والحذر في التنبيه على الشركات العاملة نطاق الصحراء الغربية بتطبيق المعايير الدولية في الأعمال المتعلقة بالألغام أو العمل المضاد للألغام حرصا على سلامة وأمن الإنسان والبيئة .
كاتب المقال الدكتور أحمد عامر خليفة
باحث دكتوراه في الأعمال المتعلقة بالألغام