نرى الآن تصعيدا في مطالبة أوكرانيا بالدبابات الألمانية (الفهد) “ليوبارد ٢” بينما يرى القائد الألماني المتقاعد “إجون رامس” Egon Ramms أن تزويد أوكرانيا بالدبابة “ليوبارد ١” يكفي قائلا الفرق بين الطرازين ضئيل، وإعلان بريطانيا التبرع بعدد ١٤ دبابة من طراز “تشالنجر ٢” لن يجدي لأنها ثقيلة الوزن لدرجة أنها ستغطس في الوحل عندما يتحول الصقيع إلى ماء في الأسابيع القادمة.
لقد تعودّت سماع الأكاذيب منذ ١٩٥٦ عندما هاجمت بريطانيا وفرنسا مصر، بعد أن سبقتهما إسرائيل كطعم بأيام، ولكن الرئيس جمال عبد الناصر إكتشف المخطط الشرير … والباقي معروف ….
في هذه الظروف الحرجة كان لابد لكل مصري قادر على حمل السلاح أن يقوم بواجبه دون اعتبار للتضحيات المترتبة على ذلك. وكان من المتطوعين معي في كتيبة “كلية هندسة جامعة القاهرة” علي الصعيدي (وزير الكهرباء فيما بعد) وفاروق المنصوري (الأستاذ بكلية الهندسة جامعة أسيوط فيما بعد) وحوالي ١٥٠ من دفعة بكالوريوس الهندسة لم ينظروا لمستقبلهم الذي ينتظرهم بعد شهور قليلة ليكون كل منهم “باشمهندس” ولكن كانوا مقتنعين بأن التضحية – ولو كانت بالنفس – فهي تضحية تستحق، حتي بعد أن انتقلت كتيبتنا للمواقع المحددة لها وكنا نرى الحرائق التي خلفتها قاذفات القنابل البريطانية وننتظر هبوط جنود المظلات البريطانيين – وكانوا يسمون أنفسهم “الشياطين الخضر” – ونتساءل ما هذا الشعور الغريب، الذي يختلف جذريا عن شعورك أثناء التدريب. عندما تكون في موقعك متوقعا في أي لحظة آلاف الأعداء المدربين ينزلون بمظلاتهم بعد أن يكون نصف زملائك قد استشهدوا خلال القذف الذي يسبق الإنزال، إنه قطعا شعور لا يعرفه إلا من واجهه، *شعور بالعزة والكرامة ممتزج باليقين أن اللحظة القادمة قد تكون آخر لحظة في حياتك، ومع يقينك بذلك لا تخشى الإقدام إلى هذه اللحظة*.
لست خبيرا عسكريا ولكني أردت بهذا السرد القصير تذكرة نفسي ببعض ما تعلمته في الأسابيع القليلة أثناء التدريب الذي سبق هذه الأحداث، لأن الأخبار الكاذبة من ناحية الإذاعة البريطانية كانت تنهال علينا كل يوم … بل كل ساعة. لذلك تعودت التحقق من كل خبر أسمعه، فلجأت إلى “ويكيبيديا” للبحث عن الحقائق في تصريحات الجنرال الألماني فوجدت العجب … جنود مصر وسوريا في حرب العبور كشفوا قصور الدبابات الامريكية التي يستعملها الجيش الإسرائيلي. طبعا كتبت بطريقة أخرى وهي أن الأسلحة المضادة للدبابات كانت تخترق دروع الدبابات الامريكية، *وأغفلوا أن دقة توجيهها وحساب بعُد الهدف وزاوية تلقي القذيفة يعود إلى الجندي الذي يستعملها*.
وكانت هذه المعارك (وهذا سرد فيكيبيديا) التي خسر فيها الإسرائيليين أكثر من ألف دبابة إمريكية الصنع الحافز لتصميم دروع مختلفة تسمى “الدروع المركّبة” وأول استعمال لها كان في دبابة T-64 السوفييتية الصنع وهذه الدروع تستعمل في ثلاث دبابات فقط “تشالنجر٢” البريطانية و “ليوبارد٢” الألمانية و”أبرامز” الامريكية، وبينما “ليوبارد ١” يزن ٤٢ طن فيزن “ليوبارد ٢” ٦٢ طن كذلك النوعين الآخرين (أنتهى سرد ويكيبيديا النسخة الألمانية)
علما بأن غالبية المستمعين للتلفزيون الألماني لا يراجعون صحة المعلومات لذلك يصدقون أن “ليو ١” = “ليو ٢” وأن ١٤ دبابة “تشالنجر ٢” في حوزة الأوكرانيين ومثلها من “ليوبارد ٢” من كل من ألمانيا وبولندا وآخرين (أمريكا أعلنت رفضها للتبرع بدباباتها) تستطيع وقف الزحف الروسي إذا بدأ.
ندعو الله الحافظ الكريم أن يهدى كل من يدعوا للحرب وتصعيد القتال. لقد نجحت مصر في صد الاعتداءات الغاشمة على مر التاريخ *بفضل القيادة الرشيدة ومن واقع خلفية حضارتها المتأصلة.