عرفت البشرية “الطاقة” منذ فجر التاريخ حيث كان يتم إستخدام خشب الوقود في إيقاد النار، يقول الحق سبحانه وتعالى “الَّذِي جَعَلَ لَكُم مِّنَ الشَّجَرِ الْأَخْضَرِ نَارًا فَإِذَا أَنتُم مِّنْهُ تُوقِدُونَ” (يس/80)، كما إستفادت الحضارات الأولى من طاقة الرياح في الإبحار بالمراكب الشراعية. وعملياً الطاقة موجودة حولنا فى كل شىء والطعام الذي نتاوله به طاقة كيماوية يخزنها الجسم ويطلقها عندما نبذل مجهوداً.
تعتبر مصر من أوائل دول العالم التي أحرزت السبق في مختلف مجالات الطاقة فمثلاً تم حفر أول بئر بترولي في منطقة جمسة عام 1886، وتم إدخال الكهرباء لأول مرة في مصر في عام 1893.
ومصر دولة غنية بمختلف مصادر الطاقة المتجددة كالطاقة الشمسية والرياح والطاقة المائية والتقليدية كالنفط والغاز وهما المصدران الرئيسيان لإنتاج الطاقة، فكما تشير الأرقام فهما يسدان أكثر من ٨٥٪ من إحتياجات الطاقة في مصر حالياً.
ولا غرو أن الموارد أو الأصول الطبيعية، بما فيها موراد الطاقة، هي الثروة الحقيقة للأمم التي هى حقٌ لأبنائها، والدولة مؤتمنةٌ على هذه الموارد، ومسؤولةٌ عن المحافظة عليها وتنميتها وإستغلالها وفق خطط وبرامج التنمية المستدامة بما يضمن العدالة بين الأجيال الحاضرة والقادمة، والعدالة بين أبناء الجيل الحاضر في توزيع عوائد إستغلالها.
ومن المعروف أن للإنسان عدداً من الحقوق البيئية، وهى حقوق متفق عليها عالمياً لتضمن الحياة الكريمة من العيش في بيئة ملائمة ونظيفة وتحقيق العدالة الاجتماعية. ومن هذه الحقوق: الحق في الضوء والماء والغذاء والهواء والسكن والمأوى والإقامة والعمل والتعليم والثقافة…الخ.
والمدقق للنظر يدرك أن كافة هذه الحقوق لا يمكن أن تتحقق إلا إذا إستطاع كل فرد فى المجتمع الحصول على إحتياجاته من الطاقة. فبدون الطاقة لا يمكن إنجاز أى شىء ولا يمكن الحصول على الدفء والحركة والسكن والغذاء والمشاركة والتعليم والعبادة وما إلى ذلك. فالحق فى الطاقة متطلب أساسى مبدئى ليتمتع أى فرد بباقى حقوقه المختلفة. والقاعدة الفقهية فى الدين الإسلامى “ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب” تتماشى وتؤكد المفهوم السابق.
لذلك فالحق فى الطاقة أو توفير الطاقة الكهربائية حقاً من حقوق المستهلك في إشباع إحتياجاته الأساسية حيث يمثل ذلك أيضاً مظهراً للديمقراطية وبالتالى تحصل جميع فئات المجتمع على ما يلزمهم للحياة الكريمة من مصادر طاقة وغيرها وهو ما بات يسمى أيضاً بـ “ديمقراطية الطاقة“.
وقد عانت مصر في السنوات القليلة الماضية من ضعف إمدادات الطاقة خاصة البترول والغاز مما جعلها تلجأ للإستيراد بعد أن كانت دولة مصدرة. وأدي ذلك الي تكرار إنقطاع الكهرباء عن المنازل مما تسبب في توترات إجتماعية وإحتجاجات كما توقفت بعض المصانع لنقص إمدادات الطاقة مما أدي لخسائر إقتصادية فادحة للمستثمرين والدولة.
الإ أنه منذ عام ٢٠١٣ عادت تدريجياً الخدمة الكهربائية للإستقرار وتوالت الإكتشافات البترولية خاصة للغاز الطبيعي في المياه العميقة بالبحر المتوسط (مثل حقل ظهر العملاق) مما ينبأ بتحقيق الإكتفاء الذاتي بعام ٢٠١٨ وإمكانية التصدير مرة أخري بحلول ٢٠٢٠. كما تسعي مصر بخطي حثيثة لتصبح مركزاً إقليميا للطاقة (خاصة للغاز الطببعي) في البحر المتوسط من خلال إستغلال البنية التحتية والتسهيلات من معامل ومصانع للإسالة لتصبح مورد وناقل للطاقة الي كافة دول المنطقة.
وحالياً ٩٩٪ من السكان يحصلون علي الكهرباء في مصر وتسعي مصر جاهدة للربط الكهربائي مع كافة الدول العربية شرقاً وغرباً لتنسيق وتوزيع الطاقة بين دول المنطقة وضمان إستقرار إمدادات الكهرباء والحفاظ علي ديمقراطية الطاقة في مصر.