ينظر إلى الفساد المنهجي عمومًا على أنه العقبة الأساسية أمام التنمية الاقتصادية والسياسية في أي بلد يسود فيه. وذلك لأن الفساد يشوه الحوافز الاقتصادية للاستثمار، ويقوض المؤسسات العامة، ويعيد توزيع الثروة والسلطة على من لا يستحقونها، ويشجع على تجريد الأصول والتصدير غير القانوني للموارد ويولد عدم الثقة داخل المجتمع
وتعتبر المراجعة والتدقيق إحدى ركائز نظام النزاهة الذي يمكن أن يحمي من الفساد فيتمتع المدققون بمكانة فريدة داخل الشركات كممثلين للمصلحة العامة ، ويقومون بالمراقبة والإبلاغ عن امتثال المنشأة المستهدفة للمعايير المحددة. وبالإضافة إلى ذلك، فقيام المراجعة بدور أكثر مباشرة في مكافحة الفساد التجاري والمالي . قد يكشف الدور الاستباقي عن مستوى الفساد على المستوى الجزئي للشركات والمنشآت الحكومية، وبالتالي يجبر الحكومات وقطاع الأعمال على الرد.
والفساد موجود ومتغلغل داخل شرايين المجتمع .. والإقرار بوجوده فی المجتمعات کافة، لا یعنی التعایش معه أوعدم مواجهته؛ إذ یعد من أخطر الظواهر التی تنعکس سلبًا علی المواطن والدولة والمجتمع.
ومن الجانب الاجتماعی یؤدی الفساد إلی زیادة الشعور باللامبالاة والسلبیة لدی أفراد المجتمع، ویقتل الدافع والرغبة فی الإنجاز، ویؤدی إلی انتشار الجریمة کرد فعل لانهیار منظومة القیم الأخلاقیة. وعلى الجانب الاقتصادی یؤدی إلی زیادة العجز فی الموازنة العامة للدولة، وارتفاع تکلفة الخدمات التی یحتاجها المواطن، بالإضافة إلی إعاقة التنمیة الاقتصادیة وإهدار المال العام..وعلى الجانب السیاسی یؤدی الفساد إلی إضعاف قدرة النظام السیاسی علی تلبیة حقوق مواطنیه، ومن ثم زعزعة الاستقرار والأمان ويعيق نجاح خطط القيادة السياسية ويكون أشد أعدائها على الإطلاق .
وبناءا على ماسبق فينظر المواطن على أن تكون الجهات الرقابية النظامية والرسمية بالدولة أكثر الجهات نزاهة وشفافية ، لأنها ممثلة لكل مواطني الدولة ، وماتمثله هذه الجهات ومندوبيها من مراجعي الحسابات .. وسنتناول باختصار شديد : دور الجهاز المركزي للمحاسبات في تقييمه لتجاوزات حدثت بشركة القناة لتوزيع الكهرباء وما احتوت تقارير الجهاز المركزي .. ولأهمية هذه التقارير وقوة تأثيرها على سير العدالة في قضايا عدة مرفوعة أمام النيابة العامة .. وجب تحليل ما جاء بها كي نصل إلى الأسباب الحقيقية
* في عام 2017 تم تكليفي بعمل برنامج لاحتساب قيمة محاضر الضبطية القضائية والشرطة ، وأن يتم تزويد كل قطاع بنسخة للإحتساب بالإضافة إلى نسخة بمكتب رئيس القطاعات المالية والتجارية بشركة القناة لتوزيع الكهرباء عزت ابراهيم ؟؟
* استمر العمل حتى عام 2022 شهر أبريل عندما تم اكتشاف حالات حذف حسابات لبعض المحاضر وتعديل قيمتها بعد احتسابها الأول .. وكان ذلك بمكتب متابعة رئيس القطاعات المالية والتجارية عزت ابراهيم
* توالت اللجان التي ركب الفاسد منها المشهد .. وانتهت إلى قرارات فاسدة بافلات الفاسدين من العقاب وتحويل المبلغين عن الفساد إلى النيابة وتحميلهم بكل الفساد الذي بلغوا عنه .
تقرير الجهاز المركزي للمحاسبات :
• فقد احتوى في تقريره لعامي 2022 و2023 ما يشير إلى عدم فهم كامل بالدورة المستندية للضبطية سواء كمحضر أو احتساب والفرق بينهم .
– ثم ذكر كثيرا من النقاط .. أقتبس منها :” تبين وجود عطل بجهاز الحاسب الآلي الخاص بتقرير السرقات وإعداد محاضر الضبطية بقطاع المدن الجديدة مما أدى إلى فقد كافة المحاضر “
– وهذا كلام غير دقيق .. فالمحاضر كما سيلي تفصيله موجودة ولا يمكن فقدها بتعطل الجهاز . وهذه المسألة مفصلية في إدعاء واتهام الفاسدين بشركة القناة لبرنامج احتساب القيمة .. فهم يتهمون البرنامج بفقد محاضر الضبطية القضائية الورقية ؟!!!!
وألخص ملاحظاتي عن توثيق التقرير بمسؤولية برنامج الإحتساب عن إلغاء محاضر ضبطية
فيما يلي : –
1 – أن المحاضر الخاصة بالشرطة والضبطية تتكون من أصل وصورتين يتم الإحتفاط في القطاع أو مكتب عزت ابراهيم بصورتين إحداها ترسل للنيابة وأخرى بمكتب الضبطية أما الثالثة فتكون لدى مأمور الضبط . ومعها صور للحادثة وفيديو لتوثيق الحالة .. وهذه المحاضر حتى لو تهرب الفسادين من حذفها وإلقاء التهم على المبرمج .. فجهاز الكمبيوتر لا تتحمل معدته وأحشائه كل هذه الأوراق ..!! هل يعقل أن المحاضر تختفي بسبب حذف احتسابها والتي قام بها .. هؤلاء الفسدة .؟
2 – أين المحاضر الورقية التي تم تحريرها في المواقع ؟ ..هي الأساس وإبداء رأي بعكس ذلك ( كأن عطل البرنامج قد أدى إلى فقد محاضر ضبطية ).. فهذا غير صحيح .. برنامج الإحتساب لا يلغي محضر موجود بإدارة الضبطية بشحمه ولحمه . إلا إذا كان المسؤولين عن ذلك لهم رأي آخر .. إن الرأي الذي جاء بعكس الحقيقة يحول المتهم إلى برئ ويحول البرئ إلى متهم .. وستكون مشكلة كبيرة لأن الجهاز المركزي بتقاريره تلك .. وكجهة رقابية رسمية حكومية .. تقلب موازين العدالة.
3 – وحديثنا كمواطنين للجهاز المركزي نائبا عنهم : هل تمت مرجعة حالات الضبطية تلك في عام 2017 ؟ وعام 2018 وعام 2019 وعام 2020 وعام 2021 قبل الإكتشاف الذي تم في عام 2022 وعام 2023. والذي على أثره بدأنا نرى ملاحظات الجهاز المركزي للمحاسبات ؟
4 – إن محاضر الضبطية بشركة القناة دون أي شركة على مستوى الوزارة .. لا تقوم بعمل تسلسل لمحاضر الضبطية اليدوية .. مما يسهل معه تمزيق المحضر وتحرير بديلا عنه .. بل ويلغي الرقابة عليه تماما .. فهل قام السادة المسؤولين بالجهاز المركزي بالسؤال عن تسلسل أرقام المحاضر اليدوية المحررة في الميدان .. فهل هذا غير مؤثر ؟؟ إن هذا الأمر مازال ساريا حتى الآن ونهيب بالسادة المسؤولين بالجهاز المركزي للتأكد من ذلك ومعالجته .
5- في تقرير 2022 و 2023 .. انتهت لجنة القابضة من عملها بمراجعة تجاوزات الضبطية القضائية وكانت هناك نقاط عديدة لا يمكن إغفالها ومنها على سبيل المثال لا الحصر : –
• عدم احتفاظ لجنة القابضة بنسخة من برنامج احتساب قيمة محاضر الضبطية والذي جاء بكل هذه التجاوزات ونسخة من قواعد بياناته حال قيامها بعملها . كدليل مادي على اتهام مسؤولين أمام النيابة العامة .
• عدم إكتراث لجنة القابضة للعديد من التجاوزات مثل : عدم اكتمال توقيعات لجنة التسعير ، وعدم ترقيم وتسلسل محاضر الضبط اليدوي ، وعدم وجود توقيعات حتى على محاضر الضبط أو حتى على ورقة الإحتساب ، وتأخير احتساب محاضر الضبط بمكتب عزت ابراهيم أحيانا لعام كامل دون أي إجراء وغيرها من الملاحظات الهامة التي تغير من مجرى التحقيقات .
6- يقر علم السلوكيات الإدارية : أن تكوين جماعات غير رسمية بين المراقب والمنفذ يضر بالمصلحة العامة ، ورأي مواطن للسادة المسؤولين بأن وجود الرقابة اللصيقة بالوحدات الإدارية . ليس بالضرورة أنها ستقترب من الحدث وبالتالي اكتشافه ، هذا غير صحيح من وجهة نظرنا .. فوجود مكاتب للجهاز المركزي للمحاسبات بالوحدات الإدارية للدولة يؤسس لبناء هذه الجماعات غير الرسمية ويوطد علاقات الجهة الرقابية بالجهة التنفيذية ، مما يقلل من فرص التشديد الرقابية المبني عليها تأسيس العمل في الجهة الرقابية .
إن هذا قليل من كثير .. وفق الله قادتنا وحمى الله مصر.