تعتبر الطاقة ركيزة أساسية للتنمية الاقتصادية والاجتماعية، لذا تعتبر تنمية موارد الطاقة الأولية وحُسن إدارتها واستخدامها من أهم سياسات واستراتيجيات التنمية المستدامة ، والطاقة المستدامة تعني خدمات الطاقة الحديثة، وتحسين كفاءة الطاقة، وزيادة استخدام مصادر الطاقة المتجددة (من الرياح ومساقط المياه ومن الشمس ومن حركة الأمواج والمد والجزر أو من حرارة باطن الأرض ) مع تعزيز التوجه نحو الشبكات الذكية والربط الكهربائي الدولي، ومع الطاقة المستدامة يجب ان بفي الاستخدام البشري للطاقة باحتياجات الحاضر دون المساس بقدرة الأجيال القادمة على تلبية احتياجاتهم الخاصة ، وتجنب مايسمى ب ” فقر الطاقة “ وتحت عنوان ” الطاقة المستدامة للجميع” أطلق الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون عام 2011 مبادرة بأهداف عالمية ثلاثة وهي: ضمان حصول الجميع على خدمات الطاقة الحديثة ومضاعفة المعدل العالمي لتحسين كفاءة استخدام الطاقة ومضاعفة كميتها المتجددة في مزيج الطاقة العالمي بحلول عام 2030. وقد أولت مصر مؤخرا اهتماماً كبيراً بمشروعات الطاقة المتجددة .
بدأت دول العالم تتحدث عن ضرورة التوجه نحو الاقتصاد الأخضر والطاقة المستدامة بهدف تحقيق التنمية المستدامة للحد من التدهور البيئي سلبي العواقب. ونعلم جميعا ان من اهم اسباب التوجه للطاقة المستدامة هو تزايد الطلب على الطاقة ، وتوقع نضوب مصادر الوقود الأحفوري مستقبلا ، والسعي للحد من تزايد الإنبعاثات الضارة بالبيئة والتغيرات المناخية ، وتوفر مصادر الطاقة المتجددة وانخفاض تكلفتها ، هذا بجانب الإلتزام بما صدر عن قمة الأرض في ريو دي جانيرو 1992 و مبادرة بان كيمون امين عام الأمم المتحدة عام 2011 (الطاقة المستدامة للجميع) وما تضمنه الهدف السابع للأمم المتحدة في استراتيجية التنمية المستدامة ، و قمة المناخ في باريس 2015 ، وقمة المناخ في جلاسكو 2021 ثم cop27 في مصر 2022،وخطة الأمم المتحدة العشرية للطاقة المستدامة للجميع (2014-2024) واخيرا مااقره وزراء الطاقة العرب مؤخرا نحو استراتيجية الطاقة المستدامة للمنطقة العربية..وقريبا قمة المناخ Cop28 في دبي ..
في يناير الماضي وخلال الدورة 13 لجمعية الوكالة الدولية للطاقة المتجددة ، دعى الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريش دول العالم إلى مضاعفة الاعتماد على مصادر الطاقة المتجددة. ومن المتوقع أن ينمو إنتاج الطاقة المتجددة عالميًّا بنحو 2400 جيجاوات خلال الفترة من 2022 إلى 2027، وفق تقديرات للوكالة الدولية للطاقة، وسط حرص حكومات العالم على دعم هذا القطاع، وقال الأمين العام للأمم المتحدة : إن العالم بحاجة إلى حصة مصادر من الطاقة المتجددة، مزيج من إنتاج الكهرباء، من 30% حاليًّا إلى أكثر من 60% بحلول 2030، وقد أشار تقرير الوكالة إلى أن إنتاج محطات الطاقة الشمسية حول العالم من المتوقع أن يتضاعف 3 مرات تقريبًا خلال الفترة من 2022 إلى 2027، وتعد طاقة الرياح من مصادر الطاقة المتجددة الأسرع نموًّا في العالم، وتبلغ قيمة سوق طاقة الرياح العالمية حاليًّا 4 أضعاف حجمها في 2010 وعلى الصعيد العالمي، يأتي أكثر من ثلث الطاقة الكهربائية الآن من مصادر منخفضة الكربون، تمثل فيها مصادر الطاقة المتجددة ما نسبته 26٪ والطاقة النووية 10٪ و ننتظر أن يتراجع توليد الكهرباء اعتماداً على الفحم والغاز الطبيعي والنفط خلال السنوات القادمة، وسيتضاعف انتاج الكهرباء المولدة من مزارع الرياح والطاقة الشمسية، بحلول عام 2027 ، لتلبي أكثر من خُمس الاحتياجات العالمية. ايضاتجاوز عدد مشروعات الهيدروجين الأخضر 500 مشروع حول العالم بإجمالي استثمارات تجاوزت 530 مليار دولار، ووصل عدد الدول المهتمة بإعداد استراتيجيات وطنية وخطط تنموية لإنتاجه 40 دولة. وطبقًا لتقرير الوكالة الدولية للطاقة المتجددة لعام 2021، تجاوز معدل الإنتاج السنوي من الهيدروجين (عن طريق الغاز الطبيعي والفحم الأحفوري) 120 مليون طن. وتمثل هذه الطريقة أكثر من 95% من إنتاج الهيدروجين عالميًا، ومرجح أن يصل الإنتاج التقديري من الهيدروجين النظيف إلى 700 مليون طن بحلول عام 2050.
تتوجه دولنا العربية بقوة نحو الاقتصاد الأخضر بهدف تحقيق تنمية مستدامة سواء في المبانى الخضراء، أوالطاقة المتجددة من الشمس والرياح ، اوالنقل المستدام، وإدارة المياه وإدارة الأراضى وإدارة النفايات ، و يتحتمعلى الأسواق تطوير أنماط الشراكة مع القطاع الخاص،وتزويد مناخ الاستثمار دائمًا بأدوات جاذبة، مع تشجيعوحث المستثمرين الرياديين القادرين على تقديم نماذجعمل مبتكرة تتسم بانخفاض مستوي مخاطرها ومنطقيةمكاسبها، الأمر الذي يؤكد على أهمية استمرار التعاونبين القطاعين الحكومي والخاص يدًا بيد، ليتحولالمستثمرين من المنافسة المطلقة إلى الشراكة مما يساعد على تحقيق الأهداف المرجوة.
ولقد واجه التوسع في مشروعات الطاقة المستدامة بعض التحديات منها التكلفة الكبيرة نسبيا ربما حتى ما قبل عام 2014 وعدم تواجد المصدر الدائم لهذه الطاقة بانتظام وباستمرار ، والإفتقار الى الخبرات والكوادر المدربة آنذاك، هذا بجانب استمرار وارتفاع الدعم المقدم للطاقة ، وضعف السياسات والتشريعات الداعمة لتوفير بيئة جاذبة للاستثمار وغياب الآليات التمويلية المناسبة واحجام القطاع الخاص ، وعدم وجود تصنيع محلي للمهمات ..
ولكن عايشنا انطلاقة مابعد عام 2016 من حيث اهتمام متخذي القرار ، وثراء المنطقة العربية بمصادر الطاقة المتجددة ، وفتح مناخ الاستثمار فى هذا المجال وتوفير الاراضى المملوكة للدولة لبناء تلك المحطات عليها ، وانشاء خطوط انتاج وتصنيع محلية لمكونات محطات الشمس والرياح ، وسهولة أداء التشغيل والصيانة للمحطات ، وتوفير فرص عمل ، وقناعة توفير حرق الوقود للحد من التلوث البيئي وتحقيق مزيج الطاقة لمواجهة زيادة معدل النمو ، ومع وزيادة الطلب على الطاقة هناك انخفاض في التكلفة الاستثمارية لمشروعات الطاقة المتجددة ، وتعظيم الاستفادة من القوانين والتشريعات الجديدة لتحفيز القطاع الخاص وجهات التمويل لتنفيذ المزيد من المشروعات ، ووضع حوافز سواء لهذا النوع من الاستثمار او للمواطنين لتنفيذ محطات شمسية على اسطح المنازل ، واستمرار هيكلة رفع الدعم تدريجيا واستمرار الدعم التبادلي .. مما يعزز التوجه نحو الطاقة المتجددة بشكل ملموس وفعال.
ويهمني هنا ان اوصي بما يلي :
اثق ان جهودنا المشتركة ستلبي توقعات وطموحات بلداننا العربية و تدعم جهودها من أجل التعافي الأخضر وانتقال الطاقة النظيفة ، للإسهام في النقاشات المستفيضة التي يتوقع أن يشهدها مؤتمر الأطراف الثامن والعشرون الذي ستستضيفه الإمارات نهاية نوفمبر المقبل.
وختاما : لابد أن أؤكد على أن الطاقة والمياه هما المورد الأغلى فى حياة الإنسان وأهم حق من حقوقه، وما زال أمامنا المزيد من الجهد من أجل استكمال مسيرة التنميةالمستدامة ، لمواجهة كافة التحديات والصعوبات فى سبيل تحقيق طموحات شعوبنا .