لكل مجتهد أجره “مضاعفا”
ما هي الإستفادة السياسية والإقتصادية التي تعود على مصر من زيارة الرئيس ماكرون
فائدة أي عمل تكون مضاعفة عندما تعود بالخير على الطرفين المشتركين فيها … عندما يتحقق ذلك يعم البشر على وجوه الكل وهذه هي الإجابة على السؤال أو النتيجة المرئية
ماكرون يأتي من وطنه فرنسا في توقيت صادف مشكلتان لا تتحملها الجبال من شدة ثقلها، فوجد الأمل في حل المشكلتين وكأن عصا سحرية طارت ووصلت إلى يده، وذلك لأنه تاب عما صدر عنه من ذنوب في حق الشعب الفلسطيني ووقف قائلا: “لا للتهجير … والحل الذي لا بديل له هو الدولتين”
والنرجع لمشكلتيه، أولهما هي شعبية “مارين لوبين” وحزبها اليميني المتطرف كما أظهرت استطلاعات الرأي أنها ستحصل على الأغلبية المطلقة للأصوات في الانتخابات الرئاسية القادمة. وثبت أنها بددت أموال الاتحاد الأوروبي فحكمت المحكمة عليها بمنعها من الترشح في المناصب العامة لمدة خمس سنوات (وهذا نص في القانون الفرنسي) ولكن مازالت تتمتع بشعبية كبيرة.
والمشكلة الثانية هي تصادف إعلان الرئيس “ترامب” الأسبوع الماضي فرض رسوم جمركية على كل صادرات الاتحاد الأوروبي إلى أمريكا. وهذا سيعصف بالعديد من الكماليات الفاخرة التي تخصصت فيها فرنسا دون غيرها من دول أوروبا. حاولت أوروبا التفاوض مع ترامب بعرض إلغاء كل الرسوم الجمركية بينهما ولكن ترامب رفض قائلا: “الفارق في الميزان التجاري 350 مليار دولار وهذا مبلغ كبير… لذلك يجب أن تشتروا منا الغاز المسال بكميات تغطي هذا الفرق”. فأسقط في يد الساسة الأوروبيين لأنهم لا يحتاجون لكل كميات الغاز المعروضة خاصة أن نقلها في حالتها السائلة مع إعادة تغييزها في موانئ أوروبا مكلف جدا. فسبب تراكم هذه المشكلات حملا شديدا على أعصابه.
ولكن مقابلته مع السيسي سبقته السيمفونية الصادرة عن محركات طائرات الرافال المصرية وهي أحدث إنتاج للطائرات المقاتلة، تفوقت بها الصناعة الفرنسية على الطائرة الأسطورة “فانتوم” والمشروع الأوروبي المشترك “يوروفايتر” والطائرة السويدية سآب 39 ويُذكر أنه بفضل تصميم جناحيها المثلث ومحركها القوي تصل سرعتها لضعف سرعة الصوت. إضافة إلى خاصية الاختفاء عن الرادار، أظهرت هذه الطائرة تفوق الصناعة الفرنسية. فكانت هذه المفاجأة أول ما شرح صدر ماكرون.
ثم أعقب السيسي هذه المفاجأة بأخرى وهي نزهة بالأقدام في الحي المصري الأصيل “خان الخليلي” حيث تعرف عليه المارة وحيوه مع الرئيس السيسي أحر تحية.
في هذا الجو الذي يفوح بشذى التفاؤل تنبت فيه عيدان الأمل حاملة زهور الابتكار… فكان أولها إنتاج الهيدروجين الأخضر حيث توجد في مصر كل إمكانات إنتاجه. شمس ساطعة 365 يوم في السنة وفي جوارها مياه خليج السويس وهذا يفتح المجال لإنتاج الهيدروجين فائق النقاء من شوائب الغازات الضارة وتحميله على السفن لنقله إلى أوروبا وبذلك تستطيع أوروبا التخلص تدريجيا من إلحاح ترامب تصدير الغاز إليها.
وبما أن الهيدروجين لا يصلح لبعض التقنيات، فيذهب التفكير إلى تصدير الكهرباء من صحراء شمال إفريقيا الشاسعة إلى أوروبا عن طريق كابلات بحرية وهي متاحة في مصانع مصر فتعم الفائدة على ضفتي البحر الأبيض المتوسط وتضمحل الحاجة للغاز الامريكي لأن الكهرباء المصرية نظيفة فهي منتجة من شمس مصر وهي ميسورة التكلفة لأن أكثر من نصف مكوناتها مصنعة في مصر وهي مأمونة لأنها ناتجة من تربينات دوارة تحافظ على استقرار التيار الكهربائي وتقاوم الهجمات السيبرانية وهي مضمونة فلا يحجبها حصار اقتصادي ولا اعتداء إرهابي إلا بعض السحب وهذه يمكن بسهولة التغلب عليها بغاز الميثان النباتي من النفايات الزراعية. وهي مستدامة فلا تنضب مثل حقول النفط لأن أشعة الشمس الذهبية باقية إلى يوم القيامة لتمكن الشعب المصري من إقامة عصر حضاري جديد يضاهي حضارته القديمة.
الربط بين الهيدروجين والكهرباء النظيفة من ناحية والمنتجات عالية الجودة المصدرة من فرنسا لمصر مثل السيارات الكهربية من ناحية أخرى يضفي على هذه الشراكة صفة الفائدة المزدوجة من الناحية السياسية والناحية الاقتصادية.
د. مهندس هانئ محمود النقراشي
عضو المجمع العلمي المصري
عضو المجلس الاستشاري العلمي سابقا