يتمتع كل شخص بصورة فى ذهن الآخرين لا يشاركه فيها أحد فهى كالبصمة الفريدة والشخص الذى يمسك بالريشة ويرسم تلك الصورة من وراء الستار هو رجل خفى يحدد سماتنا وصفاتنا.. أفعالنا وتصرفاتنا.. كلماتنا وصمتنا، هذا الرجل هو السيد “طموح”.
فهذا الطموح يلعب دورا رئيسيا فى نحت صورتنا وإخراج أفعالنا، فإذا ارتقى وصار نبيلا شريفا ساميا رسم صورة لفارس مغوار يجاهد فى سبيل الحق وتحقيق مصالح الآخرين، أما إذا هبط وأصبح وضيعا متدنيا رسم صورة لشخص أنانى مستغل انتهازى لايرى سوى نفسه ولايفيد إلا إذا استفاد، ومثل هذا الشخص البعد عنه انتصار ومكسب، فهذه النوعية من البشر لم تتعلم العطاء والوفاء، ولم تنشأ على التفانى والتضحية، ولم تتذوق طعم الكرم والجود، فهو شخص يعيش لنفسه فقط ويتعامل مع الآخرين من منطلق المصالح الشخصية، يتبع من يفيده ويجاور من يعطيه.
وتتجسد هذه الآفة للأسف بوضوح فى عملية الانتخابات، فإذا انحصرت نظرة الناخب فى تحقيق مصلحته الشخصية دون الالتفات إلى المصلحة العامة، ترتب على ذلك وصول مرشح انتهازى يلعب على أوتار مصالح الأفراد الوقتية وليس على المصالح العامة الدائمة.
فاحذر أخى الناخب من بيع صوتك الثمين الذى يحدد شكل المستقبل وأدواته مقابل فائدة خاصة يتم وعدك بها، فمن يعدك بتحقيق مصلحة شخصية اعلم تماما أن هذا هو أقصى قدراته ولا يستطيع أو حتى ينوى بذل أدنى مجهود لتحقيق مصلحة عامة تخدم الجميع وتخدمك أنت شخصيا.
فمثل هذا المرشح، ما إن يتعلق بالمنصب حتى يتناسى وعوده التى أغرى بها الناخبين.
زملاؤنا الكرام.. نحن اليوم بحاجة إلى ثورة جديدة ولكن على أنفسنا.. على سماتنا وطباعنا.. على أفكارنا المغلوطة وفهمنا الخاطئ للأمور.. ثورة لإيقاظ ضمائرنا وشحذ هممنا.
فنحن هذه الأيام نستعد لانتخابات نقابة الهيئة، فإذا كانت دعوتنا للتغيير والتطوير فى النقابة تتسم بالأهمية، فالأهم منها الآن هو تغيير المفاهيم التى نتعامل بها مع الانتخابات بصفة عامة، فهناك الكثير من المفاهيم الخاطئة التى تحتاج إلى تصويب؛ أهمها أولا: أننا ننتخب الأفراد من بين المرشحين ليس بناءً على شىء سوى معرفتنا بالشخص الذى ننتخبه وعلاقتنا الشخصية به واعتيادنا عليه، فتجد العاملين ينتخبون صديقهم أو من لهم به معرفة، وهذا يصلح فى العلاقات الاجتماعية فقط لكنه لا ينفع بل يضر فى الانتخابات.
ثانيا: أننا ننتخب الشخص الذى يعدنا بتحقيق مصلحة شخصية كترقية أو تحسين وضع أو غيرها، متناسين تماما زملاءنا الآخرين وحقوقهم، فكيف ننتخب شخصا لمجرد تحقيق مصلحة فرد؟ ذلك المرشح مادام استخدم كارت المصالح الشخصية فهذا دليل قاطع على أنه يسعى بالفعل للوصول للنقابة لتحقيق مصالحه الشخصية، فالأصح والأجدر بنا أن ننتخب من يعد بتحقيق المصالح العامة لجميع العاملين، من يسعى للوصول إلى النقابة لإفادة غيره وليس شخصه. لذا يجب علينا أن نساعد أنفسنا وهيئتنا بشكل إيجابى.. فالنقابة لو نهضت لحل الخير علينا جميعا، ودعنا من المصالح الفردية المؤقتة، ودعنا من الوعود الكاذبة، ودعنا من الأفراد الذين يتاجرون بطموحاتنا وأهدافنا.
لكم مطلق الحرية فى الاختيار ما بين النموذج الذى يلعب بمشاعر الأفراد ويستغل رغباتهم، والنموذج الآخر الذى يسعى لإعادة بناء النقابة من الداخل، ويبذل قصارى جهده من أجل تحقيق الصالح والنفع لجميع زملائه دون استثناء ودون أن يخص فردا محددا بمصلحة شخصية لمجرد أن يعطيه صوته، ولا تنسوا وأنتم تنظرون إلى هذين النموذجين أن تنظروا إلى أنفسكم أولا وأنتم تختارون.