ربما لم يلتفت له الكثير … هو خبر صغير لكن مدلولاته كبيرة ومهمة، يقول الخبر “أن شركة شمال الدلتا لتوزيع الكهرباء إحدى الشركات التابعة للقابضة لكهرباء مصر بدأت شراء الكهرباء المنتجة من أول محطة بيوجاز تابعة لشركة خاصة وذلك بقدرة تتراوح بين 350 و920 كيلوات”.(جريدة البورصة، يونيو ٢٠١٨).
وقد أعتمد مجلس الوزراء منذ حوالي شهرين تعريفة موحدة لشراء الطاقة المنتجة من المخلفات بسعر 140 قرشا لكل كيلووات ساعة بجميع أنواعها. كما أجاز للمحافظين زيادة التعريفة بنسبة تصل إلى %15 كل فى محافظته، حال وجود ارتفاع فى تكلفة نقل المخلفات داخل نطاق المحافظة، مما يشجع الاستثمار فى تلك المجالات.
ومما لا شك فيه أن هذه التعريفة جاذبة للاستثمار فى استرجاع الطاقة في مجال البيوجاز والمخلفات الزراعية بصفة خاصة. لكي تحقق مصر خططها في رؤية ٢٠٣٠ واستيراتيجية وزارة الكهرباء التي تهدف الي وصول نسبة طاقة من المخلفات، والطاقة الجديدة والمتجددة، بمزيج الطاقة المصرى إلى 55 % بحلول 2050 فلابد من تنويع مصادر الطاقة مع اللجوء إلى مصادر طاقة رخيصة. ومن هنا جاءت أهمية “البيوجاز” ليشكل مصدرا رخيصا ومأمونا لطاقة نظيفة تقريبا بدون آثار سلبية على البيئة.
ان تشجيع وتحفيز الاستثمار في مجال البيوجاز يضرب اكثر من عصفور بحجر واحد حيث يحقق العديد من الاهداف الاقتصادية والبيئية وفي مجال الطاقة. فبجانب المساعدة في تحقيق امن الطاقة، يساعد في توفير بديل للوقود المستورد والمستخدم ببعض المصانع كالديزل مما يقلل من فاتورة الاستيراد ونزيف العملات الصعبة مما يحسن من الميزان التجاري وميزان المدفوعات للدولة.
اما من الناحية البيئية فالفوائد لا تعد ولا تحصي من حيث توفير بديل نظيف للتخلص من المخلفات بانواعها المختلفة والتي اما تحرق او تدفن وتتسبب في زيادة انبعاث غازات الاحتباس الحراري او تلوث التربة والمياه الجوفية.
ويجب ايضا تشجيع سكان الريف بكافة الحوافز الاقتصادية والتوعوية لاقامة وحدات صغيرة من البيوجاز تضمن لهم توفيرا في ثمن الطاقة اللازمة لاحتياجاتهم اليومية وللتخلص الامن من مخلفات مواشيهم والمخلفات الزراعية والعضوية. كما أن السماد العضوي المتبقي في وحدات البيوجاز ذو مواصفات جيدة مما يساعد على تحسين الإنتاج الزراعي مما ينعكس أيضا على تحسين مستواهم المعيشي.
الا انه يجب التنويه الا تجذبنا هذه المزايا العديدة للبيوجاز فنتوسع في الوقود الحيوي من بعض المحاصيل الزراعية كالذرة اوفول الصويا او قصب السكر وغيرهم من الحبوب لان ذلك يمثل تهديدا للامن الغذائي. فالمهم البيوجاز من المخلفات فقط وليس من محاصيل زراعية.
واخيرا وليس اخرا، يجب مراجعة تعريفة شراء الطاقة المنتجة من المخلفات دوريا لمراعاة التضخم وسعر صرف الدولار للتاكد من جاذبيتها للاستثمار. كما يفضل رفع التعريفة قليلا لبعض انواع المخلفات كالقمامة لضمان جذبها لتكنولوجيات مكلفة لكنها متطورة وغير ملوثة.
د. محمد عبد الرءوف
خبير إقتصاديات الطاقة والبيئة