كثر في الأونة الأخيرة الحديث عن مشروعات الربط الكهربائي بين مصر والدول العربية والافريقية والأوربية، وفي الحقيقة هذا شي طبيعي حيث تمتلك مصر كافة المقومات التي تؤهلها لتلعب دوراً محوريا في الربط الكهربائي بين هذه الدول/المناطق.
فمصر بموقعها الإستراتيجي تقع في القلب بين هذه الدول / المناطق ولديها إمكانيات هائلة لتوليد قدرات كهربائية ضخمة من الطاقة من المصادر المختلفة سواء التقليدية أو المتجددة.
كما أن خطة مصر للتحوّل لمركز إقليمي للطاقة تحتّم عليها التوسع في مشاريع الربط الكهربائي حيث بإمكان الدولة المصرية أن تلعب دوراً محورياً في إنتاج، إستيراد، تصدير و/أو تمرير الطاقة بين هذه الدول / المناطق.
حاليا ترتبط مصر كهربائياً مع دول الجوار شرقاً مع كل من الأردن ومن ثم سوريا ولبنان وغرباً مع ليبيا، ويتم حالياً إعداد دراسة جدوى لزيادة سعة خطوط الربط الكهربائى والتوسع فيها لتشمل كافة دول المشرق والمغرب العربي. كما يتوقع أن يسهم الربط المصري السعودي ومن ثم منظومة الربط الكهربائي الخليجي في ترابط منظومات الكهرباء بكافة أرجاء الوطن العربي لإنشاء سوق عربية للكهرباء ومن ثم ربطها مع منظومة الكهرباء بالإتحاد الأوروبي.
ولتأكيد دعم الربط الكهربائي مع المنظومة الأوربية يتم دراسة الربط الكهربائى جنوباً مع القارة الإفريقية بداية من خطط الربط مع السودان للإستفادة من الإمكانيات الهائلة للطاقات المتجددة (الشمسية والمائية خصوصاً) في إفريقيا.
وتجدر الإشارة إلي أن الربط الكهربائي مثالي بين مصر وهذه الدول/ المناطق بسبب إختلاف مواعيد الذروة بينهم سواء يومية أو موسمية، فمثلاً يقع وقت الذروة في السعودية في فترة الظهيرة بينما يكون مساءً في مصر، وبفاصل زمني لا يقل عن ثلاث ساعات. وتزداد الحاجة للطاقة في الإتحاد الأوروبي شتاءً لاغراض التدفئة بينما تزداد في مصر صيفاً لأغراض التبريد.
وللربط الكهربائي فوائد إقتصادية عديدة لا تحصي لمصر رأسها إستغلال الفائض الكهربائي من مصادر الطاقة المختلفة سواء تقليدية ومتجددة وتفادي إنقطاع التيار الكهربائي نتيجة للتغطية المتبادلة في حالة الطوارئ والتخفيض في التكاليف نظراً لإنشاء عدد أقل من المحطات الجديدة، وكذلك تخفيض الإحتياطي المطلوب بالشبكة المصرية. ومن الأهمية بمكان الإشارة إلي أن الربط الكهربائي سيساهم في التخطيط الجيد لسياسات الطاقة في مصر بما يتماشي مع خططها علي المدي القصير والمتوسط والطويل وتحقيق أهداف محور الطاقة بخطة الدولة 2030، كما يساهم الربط أيضاً في التخطيط الجيد للصناعات المختلفة ومواقعها.
إضافة إلي ذلك الربط يحقق الإستفادة القصوي من محطات الطاقة الشمسية والرياح الجديدة والمزمع إنشاؤها في مصر، حيث يمكن تصدير الكهرباء المنتجة من هذه المحطات صباحاً للسعودية مثلاً وإستعادتها ليلاً وقت الذروة بمصر، ويعتبر ذلك أسلوباً غير مباشر لتخزين الطاقة، خاصة أن عمليات تخزين الطاقة مكلفة جداً.
ومن أهم المزايا السياسية والإستراتيجية للربط الكهربائي، بجانب المساهمة داخلياً في تحقيق المزيد من الاستقرار السياسي، أنه يساعد في تقوية العلاقات بين مصر وهذه الدول نظراً لفتح قنوات إتصال دائمة معها، وفي المنطقة العربية تحديداً سيساعد الربط في توفير إمدادت الكهرباء خاصة للدول التي تواجه نزاعات حيث يساعد في التخفيف من العجز في الطاقة والإخفاقات الكهربائية في دول مثل ليبيا وسوريا والعراق ومن ثم التخفيف من حدة النزاعات.
وبالنسبة لأوربا وهي قارة جائعة للطاقة فالربط الكهربائي معها سيضفي ثقل سياسي للدولة المصرية ويعمل علي تعميق العلاقات السياسية مع دول القارة الاوربية بما يخدم الأهداف السياسية والاقتصادية للدولة المصرية.
ومن الناحية البيئية، الربط الكهربائي يمكن مصر من التوسع في خطط توليد الكهرباء من الطاقة النظيفة خاصة الطاقة الشمسية والرياح بما يسهم أيضا في خفض الإنبعاثات الكربونية والوفاء بالتزامات مؤتمر باريس للتغير المناخي. وفي ضوء التزامات الإتحاد الأوروبي من مؤتمر باريس للتغير المناخ، فهناك فرصة للحصول على الطاقة النظيفة من الطاقة المتجددة بأسعار أقل عن طريق الدولة المصرية.
خلاصة القول الربط الكهربائي مكسب للجميع ففي الربط الكهربائي كل الدول رابحة.