كنت منذ أكثر من عام ونصف قد حذرت وزير البترول –وقتها- شريف إسماعيل، من خطورة دعاوى التحكيم المرفوعة من شركات دولية ضد مصر، بسبب عقود الغاز المبرمة مع شركات مصرية، وقلت إن وزارة البترول مسئولة مسئولية كاملة عن إنقاذ الحكومة من خطورة أحكام تحكيم قد تستنزف ما تبقى من الخزانة الخاوية، وطلبت من المسئولين اتخاذ كافة وسائل الحيطة والحذر، لأن هذه الشركات تستعين بمحكمين غالبا ما تكون توجهاتهم غير عادلة تجاه الحكومات، حيث يعتبرونهم ضد المستثمرين على طول الخط، ناهيك عن العلاقات المشبوهة بين مراكز التحكيم هذه وبين رجال الأعمال.
ورغم أن العقد المبرم بين «إيجاس» وبين «غاز المتوسط» و«كهرباء إسرائيل» هو عقد تجارى بين شركات وليس حكومات، والذى أوقف وألغى العقد هو الشركة القابضة للغاز وليست الحكومة المصرية، ولذلك أنا أتعجب من البيان الرسمى الصادر عن وزارة البترول عقب حكم التحكيم المبدئى الصادر من مركز تحكيم سويسرى لصالح شركة كهرباء إسرائيل بتعويضها 1.7 مليار دولار، نتيجة توقف إمدادات الغاز منذ عام 2012 وحتى الآن، رغم ما أعلنته الشركة، من أنها تواجه ظروفًا قهرية نتيجة تفجير خط الغاز أكثر من 13 مرة.
ولكن للأسف الشديد وقع السادة مسئولو البترول فى خطأ جسيم أمس، بإقحام الحكومة المصرية فى القضية، والحكومة ليست طرفًا، والقابضة للغاز، وهى شركة مساهمة مصرية، هى من اتخذت القرار وليس رئيس الوزراء ولا وزير البترول وقتها، الأمر الذى دفع مجلس الوزراء أمس الأول لإصدار بيان رسمى ينفى صلته بأى طرف من الأطراف، ولذلك فأنا أناشد إدارة الإعلام تدارك هذا الخطأ مستقبلا، وعدم الزج باسم الدولة المصرية، والأمر الثانى أننا أمام أول تحكيم لابد من مواجهته بالطرق السليمة وعلى وجه السرعة، ومن خلال مكتب محاماة دولى، وليست هيئة قضايا الدولة التى ورطت الدولة المصرية فى كل قضايا التحكيم الدولية، ولذلك أنا استغرب من غياب دور المكتب الفرنسى الذى تعاقدت معه «إيجاس»، وأسأل: ما الدور الذى قام به هذا المكتب حتى يصدر هذا الحكم؟ رغم أن نصوص العقد المبرم بين الطرفين لا ينص على التحكيم الدولى فى الخارج، وحدد مركز القاهرة للتحكيم، أين كان هذا المكتب عندما صدر الحكم؟ وهل تثق به «إيجاس» بعد صدور الحكم فجأة؟ أم لا بد من التحرك بشكل فعال وعاجل للطعن وبأدلة قاطعة وتغيير هذا المكتب لو كان فى مصلحتها، خاصة أننا نملك الحق ولكن فى الخارج يملكون القوة أننى أرجو من وزير البترول تشكيل إدارة أزمة وفحص كل دعاوى التحكيم القائمة حاليا ومراجعة موقفها حالة حالة، والاستعانة بمكاتب خبرة دولية لأن الأمر خطير جدا، والله خطير جدا، وهذا ما حذرنا منه للأسف، ويقول المسئولون إن الحكم صدر بأقل من %19 من التعويضات التى طلبها المستثمرون، وأن أقول لهم إن الأمر الطبيعى حسب العقد أن مركز التحكيم هذا ليس جهة اختصاص، وبالتالى ليس من حقه طبقا للعقد إصدار الحكم. النقطة الأهم أن الدولة المصرية مرت خلال فترة توقف الإمدادات بظروف قهرية، نتيجة تفجير الخط لأكثر من مرة من جانب الجماعات المتشددة، استدعت إلغاء العقد مع الجانب الإسرائيلى، لذلك لا أقبل أى مبرر من أى مسئول لا الوزير ولا رئيس «إيجاس»، كل ما أطلبه متابعة هذه الدعاوى على أعلى مستوى ومن خلال مكاتب دولية نثق بها لأن مراكز التحكيم هذه ليس لها إلا الأقوياء والبراهين والأدلة التى تقطع ـلسنتها.