قال إسحاق الحمادي المدير العام لشركة «أكوا باور الإمارات»: إن الدولة تشهد تغيرات في مجال الطاقة ستسهم في تغيير طريقة تفكيرنا في الطلب على الطاقة وتوليدها وتوزيعها واستهلاكها، وبما أن هذه التغييرات كثيرة ومعقدة، فإننا نتطلع إلى معالجة القضايا البيئية العالمية وآثار التغير المناخي من خلال مجموعة متنوعة من الآليات، بما في ذلك إدارة الطاقة.
وأضاف الحمادي ، على الرغم من أن الدولة لا تزال تعتمد بشكل كبير على النفط؛ إلا أنها تحرص على اعتماد مبدأ الاستدامة لتنويع مصادرها وضمان أمن إمداداتها من الطاقة وتعزيزه؛ خاصة من خلال استخدام الطاقة النظيفة والمتجددة لتحقيق بنية تحتية مستدامة تسهم في خلق مستقبل مزدهر.
وتابع الحمادي: «دائماً ما تسعى الإمارات إلى تأكيد ريادتها العالمية في مجال تكنولوجيا الطاقة النظيفة، مما دفعها لزيادة نسبتها من مصادر الطاقة إلى 27% بحلول عام 2021. وأوضح أن تطورات الطاقة المتجددة تلعب اليوم دوراً بارزاً في خطط النمو والتنوع الاقتصادي في الإمارات، وأصبحت الطاقة الشمسية أحد القطاعات الرئيسية، حيث قامت محطة توليد الطاقة الشمسية الأولى في الدولة بالإنتاج لأول مرة عام 2013.
وتابع بالقول: «نحن فخورون بمشاركتنا في أكبر مشروع للطاقة الشمسية في الإمارات وفي العالم (مجمع محمد بن راشد للطاقة الشمسية) والتي تشكل علامة فارقة في قطاع الطاقة الشمسية في الدولة.. حيث تعمل الشركات الإقليمية والشركاء مثل هيئة كهرباء ومياه دبي، الهيئة الاتحادية للكهرباء والماء، وشركة مصدر، ودائرة الطاقة، ومجموعة واسعة من المساهمين الدوليين الآخرين، على تسهيل قيام مشاريع نظيفة تساهم في استراتيجية الإمارات للطاقة 2050 التي تهدف إلى خفض انبعاثات ثاني أكسيد الكربون بنسبة 70%، وزيادة استخدام الطاقة النظيفة بنسبة 50 % وتحسين كفاءة استخدام الطاقة بنسبة 40 % بحلول عام 2050، بما يثمر عن تحقيق وفورات بقيمة 700 مليار درهم».
تحديات إدارة المياه
وفيما يتعلق بقطاع المياه، قال الحمادي: «معظم الدول في العالم تواجه العديد من تحديات إدارة المياه، بما في ذلك شح احتياطيات المياه الجوفية، وارتفاع مستويات الملوحة فيها، وارتفاع تكلفة إنتاج مياه الشرب، وهناك بالتأكيد حاجة متزايدة للاستثمار في البنية التحتية وتكنولوجيا كفاءة استخدام المياه لتلبية الطلب في المستقبل.
وفيما تمتلك الإمارات واحداً من أعلى معدلات استهلاك المياه للفرد في العالم (500 لتر يومياً) فإن الحكومة تواجه هذا التحدي بالعمل على خفض الطلب من خلال زيادة الوعي لدى المجتمع، وخفض التكلفة عن طريق إلغاء الدعم، وتنظيم استخراج المياه الجوفية، والاستثمار في التقنيات الجديدة لتحلية مياه البحر.
وذكر الحمادي أن «أكوا باور» تهدف دائماً إلى خلق حلول تلبي احتياجات الحكومات والمجتمعات بشكل عام، موضحاً أن الشركة قدمت أقل تكلفة للمياه في العالم لمشروع محطة الطويلة لتحلية المياه – أكبر محطة لتحلية المياه باستخدام تقنية التناضح العكسي- في أبوظبي، كما حرصنا على استخدام الطاقة الشمسية لتحلية المياه في المشروع لتحقيق أكبر قدر من الممارسات الفعالة والمستدامة.
9 مليارات دولار
وحول استثمارات ومشاريع الشركة في الإمارات، رد الحمادي: «استثمرت «أكوا باور» بشكل كبير في الإمارات والمنطقة، ووصلت قيمة استثماراتها إلى ما يقارب 9 مليارات دولار أمريكي، والتي تعد مساهمة مهمة في تنويع وتأمين إمدادات الطاقة والمياه المطلوبة بشدة.. وأضاف: «نعتبر الإمارات أحد أسواقنا الرئيسية في المنطقة، فهناك فرص كبيرة للنمو في الدولة والمساهمة في شبكتها الوطنية وإمدادات المياه.. ونعمل حالياً على تشغيل 5 مشاريع في جميع أنحاء الإمارات من خلال شراكاتنا مع «هيئة كهرباء ومياه دبي»، و«دائرة الطاقة في أبوظبي»، «وشركة مبادلة»، و«الهيئة الاتحادية للكهرباء والماء». وتقوم هذه المشاريع على تحالفات عالمية تقودها «أكوا باور» وعدد من المستثمرين الدوليين مثل «صندوق طريق الحرير» الذي يشاركنا اليوم في الدولة وخاصة «مجمع محمد بن راشد للطاقة الشمسية» وينطوي كل ما نقوم به على دعم أهداف استراتيجية الإمارات للطاقة 2050 واستراتيجية الإمارات للأمن المائي 2036.
«نور الطاقة 1»
وتابع الحمادي بالقول: «نذكر من أهم مشاريعنا في الدولة مشروع «نور الطاقة 1» التي أضافتها «أكوا باور» مؤخراً بالتحالف مع هيئة مياه وكهرباء دبي وصندوق طريق الحرير، وهي المرحلة الرابعة من «مجمع محمد بن راشد للطاقة الشمسية» في دبي وأكبر محطة للطاقة المتجددة في العالم بطاقة إنتاجيه قدرها 950 ميجاواط (700 ميجاواط من الطاقة الشمسية المركزة و250 ميجاوات بتقنية الألواح الشمسية الكهروضوئية) بمبلغ استثماري قدره 15.78 مليار درهم، ويتميز المشروع بتوليد الطاقة النظيفة على مدار الساعة لامتلاكه سعة تخزين عالية، وكذلك يستخدم أحدث التقنيات لمشاريع الطاقة الشمسية المركزة مثل البرج الشمسي بارتفاع 260 متراً، وهو أطول برج من نوعه في العالم، وسيقوم المشروع بتوليد الكهرباء بسعر تعرفة يصل إلى 7,30 سنت لكل كيلوواط/الساعة وهو الأقل عالمياً لمشاريع الطاقة الشمسية المركزة، وستخفض المحطة 1.6 مليون طن من الانبعاثات الكربونية سنوياً وتوفر الكهرباء لنحو 320 ألف وحدة سكنية.
«شعاع للطاقة 1»
أما المشروع الثاني فهو«شعاع للطاقة 1»، وتعتبر هذه المحطة المرحلة الثانية من «مجمع محمد بن راشد للطاقة الشمسية» بقدرة 200 ميجاواط من الطاقة الشمسية الكهروضوئية، والتي توفّر الطاقة النظيفة ل 50,000 وحدة سكنية في الإمارة، ما يسهم في خفض 214,000 طن من الانبعاثات الكربونية سنوياً.. وحصلت «أكوا باور» على عقد بناء وتملّك وتشغيل مشروع «شعاع للطاقة 1» المستقل لإنتاج الكهرباء لمدة 25 عاماً، وتبلغ تكلفة المشروع 326 مليون دولار.
كل هذا بالإضافة إلى مشروع «مجمّع حصيان لإنتاج الطاقة بتقنية الفحم النظيف» الذي يعتبر أول محطة من نوعها في دول مجلس التعاون الخليجي، وتستخدم المحطة التي تبلغ قدرتها 2400 ميجاواط تقنية المراجل فوق الحرجة، وتم تصميمها لتكون «الأفضل في فئتها» من حيث الكفاءة وبالتالي تقليل استهلاك الوقود وانبعاثات غاز الوقود، وتلتزم المحطة بمعايير تخفيف الأثر البيئي الأكثر صرامة والتي اعتمدت لمحطات توليد الطاقة عن طريق الفحم، وتبلغ تكلفة مشروع حصيان 3.3 مليار دولار.. وأشار إلى أن جميع المشاريع المذكورة هي مشاريع طاقة تنفذ بالتعاون مع هيئة كهرباء ومياه دبي.
مشاريع تحلية المياه
واستطرد بالقول: «أما مشاريع تحلية المياه فتضم «مشروع الطويلة لتحلية المياه» وهو أول مشروع مستقل لإنتاج المياه في أبوظبي بتكلفة استثمارية تبلغ 900 مليون دولار، ويُعتبر المشروع أكبر محطة تحلية مياه باستخدام تقنية التناضح العكسي في العالم، وكان عرض «أكوا باور» المقدَّم للمشروع الأقل عالمياً فيما يتعلق بالمياه المحلاة بما يعادل تعرفة منخفضة تبلغ 8.26 درهم لكل ألف جالون/ 0.493 دولار أمريكي للمتر المكعب، وعند اكتمال إنشائها، سوف تحقق محطة الطويلة لتحلية المياه رقماً قياسياً جديداً باستخدام أقل كمية من الطاقة لكل جالون مياه يتم إنتاجه، وسيبدأ بناء المشروع خلال العام الجاري، ومن المقرر الانتهاء منه عام 2022، ومن المتوقع أن توفر المحطة 200 مليون جالون من المياه المحلّاة يومياً لدعم جهود تنمية المجتمع والتصنيع في منطقة «الطويلة» والمناطق المحيطة بها، كما ستلعب المحطة دوراً بارزاً في توفير الإمدادات الكافية لتلبية الطلب المتزايد على المياه في إمارة أبوظبي، والمتوقع ارتفاعه بنسبة 11% بين العامين 2017 و2024.
والمشروع الثاني هو مشروع «أم القيوين لتحلية المياه المستقل»، ويقع المشروع الذي تبلغ تكلفته 800 مليون دولار أمريكي في إمارة أم القيوين ويعتبر أول مشروع لشركة «أكوا باور» في الإمارات الشمالية، ويتم تطويره بالتعاون مع شركة مبادلة والهيئة الاتحادية للكهرباء والماء، ويقام المشروع باستخدام تقنية «التناضح العكسي» لتحلية مياه البحر بسعة 150 مليون جالون، وتبلغ مدة اتفاقية شراء المياه الخاصة بالمشروع 25 عاماً على أن تكون «الهيئة الاتحادية للكهرباء والماء» هي الجهة المستفيدة من المشروع، ومن المتوقع أن يبدأ تشغيل المشروع تجارياً في الربع الأول من عام 2021.
وأوضح الحمادي أن «أكوا باور» تعمل وفق استراتيجية لقيادة التكلفة مدفوعة بأحدث التقنيات للمساعدة في تقليل تعرفة المشروع، وتوفير الطاقة بسعر تنافسي وإرساء معايير عالمية لإنشاء نموذج أعمال ذي كفاءة يعمل من أجل ازدهار الناس. واستفادت «أكوا باور» من خبراتها في المملكة العربية السعودية ودول مجلس التعاون الخليجي وإفريقيا لبناء معرفة معمّقة في إدارة مشاريع الشراكة بين القطاعين العام والخاص في دول ذات مجموعة متنوعة من البنى التحتية، كما تختار «أكوا باور» أن تعمل وفق نموذج المالك والمشغل على حد سواء، ويفضل أن يكون ذلك من خلال المشاريع التي طوّرناها وقدّمناها بشكل رئيسي من خلال نماذج المنتج المستقل للطاقة والمياه. وتابع: «تعتبر سياستنا أحد العوامل الرئيسية في النجاحات التي نحققها، وتتمثل في كوننا مستثمرين في المحطات التي نقوم ببنائها وتشغيلها، الأمر الذي يسفر عن توافق المصالح لتحقيق النجاح للعمليات طوال فترة تتخطى 25 عاماً، وتعني هذه النظرة بعيدة المدى أننا استثمرنا في تحقيق ازدهار واستقرار الدول التي نعمل فيها، ونتبع هذا النهج في جميع مشاريعنا في الإمارات وجميع أنحاء المنطقة.
وحول مصادر التمويل الخاصة بالشركة لاسيما في تنفيذ مشاريعها في الإمارات، أجاب مدير عام «أكوا باور» الإمارات: «نعتمد البنوك الدولية والإقليمية والمحلية لتمويل المشاريع، بالإضافة إلى تمويل رأس المال عن طريق الشركة والمستثمرون مثل صندوق طريق الحرير، فضلاً عن هيئة كهرباء ومياه دبي وشركة مبادلة والهيئة الاتحادية للكهرباء والماء وشركة مياه وكهرباء الإمارات ودائرة الطاقة في أبوظبي.
مستقبل الطاقة النظيفة
قال الحمادي: «من المؤكد أن الطاقة المتجددة ستشهد ازدهاراً في دولة الإمارات، حيث تحرص الحكومة بشكل مستمر على الاستفادة من أفضل التقنيات والخبرات، مدعومة باستثمارات كبيرة، لضمان الحفاظ على مسارها الصحيح في مجال الاستدامة وحماية البيئة، وفي إطار هدف دولة الإمارات لتوفير %44 من مزيج الطاقة عبر مصادر متجددة، فإن نشر مشاريع عالمية المستوى (مثل مجمع محمد بن راشد للطاقة الشمسية) يفتح أبواباً واسعة أمام العديد من المشاريع لاستخدام مصادر الطاقة النظيفة. وتتمتع دولة الإمارات بحوالي %80 من الطاقة الشمسية الكهروضوئية في منطقة الخليج وستكون قريباً مقراً لأكبر محطة للطاقة الشمسية المركزة في العالم، محطة نور للطاقة 1، المرحلة الرابعة من مجمع محمد بن راشد للطاقة الشمسية بقدرة 950 ميجاواط، والتي تم تطويرها وتشغيلها من قبل هيئة كهرباء ومياه دبي و«أكوا باور»، كما تعد الإمارات حالياً أكبر منتج للطاقة الشمسية في منطقة الخليج، ما يدفع جيرانها إلى السير على خطواتها.
وتابع: خفضت عروض الأسعار القياسية في مزايدات الطاقة المتجددة، وخاصة في الإمارات والسعودية، من تكاليف الطاقة الشمسية الكهروضوئية والطاقة الشمسية المركزة إلى مستويات قياسية عالمية، ما جعلها قادرة على المنافسة مع الموارد التقليدية وزيادة أهمية مصادر الطاقة المتجددة