في لحظة ينتظرها المصريون منذ عقود، تتجه الأنظار مجددًا نحو مشروع الضبعة النووي الذي تحول من حلم راود الدولة منذ ستينات القرن الماضي إلى واقع يتجسد أمام العالم اليوم.
وفي الوقت الذي دُعيت فيه لزيارة موقع المشروع ضمن وفد إعلامي رسمي بدعوة من الدكتور شريف حلمي، رئيس هيئة المحطات النووية، حالت وعكة صحية دون مشاركتي فقد أصبت بنزلة برد منعتني من الزيارة لكن ذلك لم يمنعني من التعبير عن سعادتي العميقة بهذا الإنجاز التاريخي الذي أتابعه وأدافع عنه منذ بداياتي المهنية.
وهنا أود أن أعبر عن فرحتي الكبيرة بهذا المشروع القومي الذي انتظرناه منذ ستينات القرن الماضي، والذي يعد من أهم المشروعات الاستراتيجية في تاريخ مصر الحديث.
مسيرتي مع المشروع منذ عام 1990
وأنا أشاهد المحطة اليوم، راودتني ذكرياتي مع المشروع، ومراحل تطوره، ومحطات توقفه العديدة على مدار السنوات، والتحديات التي واجهته قبل أن يتحول من حلمٍ وطموح إلى واقع ملموس يشهد له الجميع.
وعلى المستوى الشخصي، ومنذ بدأت مسيرتي المهنية في عام 1990، ولمن لا يعلم ذلك، فقد كنت حائط الصد الإعلامي للمشروع العملاق.
فقد قمت بحملة واسعة في جريدة الشعب المعارضة آنذاك، دفاعًا عن البرنامج النووي المصري، ونشرت عدة مقالات وتحقيقات تحت عنوان “لا لإجهاض مشروعنا النووي” لمدة عشر سنوات كاملة.
استعنت خلال تلك الفترة بآراء نخبة من كبار علماء مصر، منهم: الدكتور هشام فؤاد، الدكتور علي الصعيدي، الدكتور فوزي حماد، الدكتور حافظ حجي، الدكتور محمد منير مجاهد، الدكتور إبراهيم العسيري، الدكتور عزت عبدالعزيز، الدكتور سيد بهي الدين، الدكتور خليل ياسو، الدكتور أكثم أبو العلا، الدكتور ياسين إبراهيم، والدكتور سامر مخيمر.وكان هؤلاء العلماء بمثابة الدرع والسيف لمشروع المحطة النووية في الضبعة.
وثائق تاريخية حول محاولة إجهاض المشروع
ومن بين المقالات التي نشرتها في جريدة الشعب، سلمني السيد أمين شاكر – مدير مكتب الرئيس جمال عبد الناصر في الخمسينات ووكيل شركة موتور كولومبس، رحمه الله – ردّ الدكتور علي الصعيدي على التقرير الذي قدمه نائب رئيس البنك الدولي “مستر وين” إلى الدكتور علي لطفي، رئيس الوزراء، في 5 سبتمبر 1985.
هذا التقرير دعا الحكومة المصرية صراحة إلى إلغاء المحطات النووية واستخدام الفحم كبديل، بل وهدد بوقف التمويل المخصص لقطاع الكهرباء.
إلا أن الدكتور علي الصعيدي فنّد كل ما جاء في التقرير، وأرسل رده المفصل إلى المهندس ماهر إباظة، وزير الكهرباء آنذاك، ليقوم بدوره بتقديمه لرئاسة الحكومة.
استمراري في الدفاع عن المشروع رغم توقف الصحيفة
وبعد إغلاق جريدة الشعب، استمرت حملتي الوطنية دفاعًا عن هذا المشروع القومي العملاق، سواء في جريدة الشرق الأوسط اللندنية أو في جريدة المصري اليوم.
فقد كشفتُ بالمعلومات استمرار تعدي أحد رجال الأعمال على موقع الضبعة النووي، كما نشرت عدة مقالات حول خطاب الدكتور زاهي حواس، وزير الآثار آنذاك، الذي طالب بالتنقيب عن “آثار مزعومة” في موقع الضبعة بمجرد علمه بطرح المناقصة في عهد الدكتور حسن يونس، وزير الكهرباء الأسبق، رغم أن الموقع كان مخصَّصًا بقرار جمهوري لصالح المشروع.فخر الرحلة… وتحقيق الحلمإنني، وبفخر شديد، أحد الصحفيين الذين خدموا مشروع الضبعة إعلاميًا خلال سنوات عملي في أكثر من صحيفة.
وأشعر اليوم باعتزاز كبير بعد أن تحقق حلمي القديم في بناء محطة الضبعة النووية لتوليد الكهرباء، وهو الحلم الذي تبناه وناضل من أجله الرئيس عبد الفتاح السيسي حتى خرج المشروع إلى النور.
واليوم، وبعد إتمام مراسم تركيب وعاء ضغط المفاعل للوحدة النووية الأولى بمحطة الضبعة في مرسى مطروح شمال جمهورية مصر العربية، لا يفوتني أن أشيد بالدور الكبير للدكتور محمد شاكر، وزير الكهرباء السابق، وجهوده الضخمة مع الدكتور المحترم أمجد الوكيل في التنسيق مع الجانب الروسي لتنفيذ هذا المشروع السلمي العملاق لتوليد الطاقة، بعد عشرات السنين من الانتظار.
لقد تحقق المشروع بفضل الله، ثم بفضل المخلصين من أبناء الوطن، وفي مقدمتهم قائد مصر، الرئيس عبد الفتاح السيسي .































