كتب الاستاذ عادل البهنساوي رئيس تحرير “موقع باور نيوز“ ورئيس قسم الطاقة بجريدة المال مقالاً اليوم بعنوان “لماذا يرفض مستثمرو الكهرباء .. التحكيم المحلي؟ ، وهذا هو نص المقال المنشور بجريدة المال اليوم بالصفحة السادسة ..
داخل أروقة وزارة الكهرباء والطاقة تدور مفاوضات مكثفة بين عدد من المستثمرين ورئيس الشركة القابضة للكهرباء المهندس جابر دسوقى، ويصر المستثمرون على أن يكون التحكيم فى أى منازعات محتملة فى عقود المشاريع محل التفاوض حاليا من خلال مراكز التحكيم فى الخارج، وينقل المستثمرون قلق الجهات الممولة من قصر الفصل فى المنازعات على مركز القاهرة للتحكيم الدولى، بينما يصر المسئولون بوزارة الكهرباء على أن يكون التحكيم داخل مصر، لأن الشركة المؤسسة من قبل المستثمرين هى شركة مصرية، والطرف الثانى هو وزارة الكهرباء التابعة للحكومة المصرية، وكل الأطراف هنا مصريون، وقد سألت مسئول بالشركة القابضة، وقلت له إن المستثمرين يريدون أن يعاملوا معاملة شركة «سيمنس»، التى وضعت فى أحد بنود عقدها حال نشوب المنازعات بند التحكيم الدولى، فرد المسئول فورا وقال إن هذه المعلومة تفتقر إلى الصواب، لأن التحكيم الدولى فى تعاقدات سيمنس وضع فى اتفاقية القرض وليس فى عقد المشاريع، ويمكن للمستثمرين الرجوع إلى هذا، وللأمانة، فأنا أثمّن موقف المهندس جابر دسوقى، رئيس الشركة القابضة للكهرباء، فى الإصرار على هذه النقطة، لأن الحكومة المصرية عندما تهاونت فى هذا حصدت خرابا كبيرا للخزينة الخاوية، كما أننى لا أفهم موقف شركة أكوا باور السعودية، والتى تصر على موقفها، بل وتهدد باللجوء إلى المستوى السياسى الأعلى للضغط على الحكومة المصرية للقبول بالتحكيم الدولى، و«أكوا باور» غير محقة بالتأكيد فى هذا، وعليها أن تعلم أن الحكومة السعودية نفسها ألغت التحكيم الدولى فى قضايا البترول وقصرته على التحكيم المحلى، وإمارة دبى قامت بنفس الشىء عندما شرعت لقانون خاص بالمستثمرين، وقصرت التحكيم فى المنازعات داخل الإمارة نفسها، وإذا كانت «أكوا باور» تسعى لمصلحتها، فعليها أن تراعى مصلحة الطرف الآخر، فنحن اكتوينا من مركز «إيكسد» للمنازعات فى نيويورك، والذى دائما ما يقف مع المستثمرين حتى وهم على غير حق، وينظرون للحكومات دائما على أنهم الطرف المعتدى على حقوق المستثمر، ومركز منازعات باريس غرّم مصر 2 مليار دولار عن توقف إمدادات الغاز إلى إسرائيل، رغم أنه يعلم الظروف القهرية التى مرت بها مصر عقب ثورة 25 يناير وتفجير الخط الناقل للغاز أكثر من 14 مرة، ومعاناة البلاد من نقص إنتاج الغاز نتيجة توقف الشريك الأجنبى عن تنمية الحقول، بسبب عدم حصوله على مستحقاته المالية، مما أدى إلى تراجع إنتاج البلاد من 7 تريليونات قدم مكعب إلى 4 تريليونات قدم، وعانت البلاد من ظلام دامس دمر معنويات الشعب المصرى.
تخوف المستثمرين من التحكيم المحلى سببه طول فترة التقاضى وعدم الثقة فى القضاء المصرى، وعلينا أن نؤكد أن موقفهم هذا غير سليم، ويحتاج الأمر منا إلى إعادة الثقة، وأن تقوم الحكومة بعمل مائدة مستديرة تشرح لهم خطأ ما يظنون به…