الكهرباء والسجائر كلاهما مضر بالصحة ومكلف لمستهلكهما ويبدو أن كليهما يسبب متحوّرا من الإدمان يصيب مستهلكيهما بنوع من الرؤية الوردية لكل ما هو خواجاتي وفي المقابل رؤية رمادية لكل إنجاز مصري.
دعونا نلقي نظرة على بعض ما عندنا واقتدوا به منا ….
بعد أن تمتعت هذه السنة بشم النسيم مع ما تبقى من أسرتي ومع من زاد عليها من الأطفال – الذين أصبحوا شبابا – تأملت في هذا العيد الذي يجمعنا نحن المصريين دون باقي شعوب العالم – لأنه العيد الوحيد الذي تمتد جذوره إلى أعماق التاريخ حيث لا يُعرف متى بدأ. ولكننا نعرف أننا ننتظره بلهفة كل عام ونحتفل به كعادتنا منذ أكثر من خمسة آلاف عام.
جزء من ابتكارات شعبنا انتقل إلى شعوب العالم أجمع ومازال مصاحبا لمعصم كل من يحمل ساعة بعقارب تبين الساعات ١٢ وليس أي عدد آخر …. لماذا ١٢ ؟ لأن أجدادنا حددوا أن النهار ١٢ ساعة والليل ١٢ ساعة ومن وقتها صار تقسيم اليوم إلى ١٢ + ١٢ ساعة.
أي أن أكثر من نصف سكان العالم يحملون آلة تعمل بمواصفات مصرية.
نعود لموضوع السجائر … كلنا يعلم أنها مضرة للصحة وللجيب ولكن القليلين يعرفون المزايا الثلاث للسجاير:
• المدخن لا يدخل لص لمنزله ، لأنه يكح طول الليل
• المدخن لا تقربه الكلاب ، لأنه يستعمل عصا للمشي
• المدخن لا يشيخ ، لأنه يتوفى قبل الشيخوخة
والآن، ما العامل المشترك مع الكهرباء المنتجة من الوقود الحفري:
• حرق الوقود ينتج عنه غاز ثاني أكسيد الكربون الذي يتركز فيما يشبه المظلة في أعالي الغلاف الجوي … وعندما تزداد كثافة هذه المظلة عما قدرها لها الله تسبب احتباسا حراريا يجعل سطح الأرض أشبه بالفرن.
• حرق الوقود ينتج عنه غازات أخرى ورماد. وكلاهما ضائع ولا يمكن استغلالهما فيما فيه فائدة بل هو ضار بصحة الإنسان والحيوان والنبات. وذلك بعكس المعادن مثل الذهب والفضة والنحاس والحديد فهي تصهر وتشكل وأخيرا تخرّد … ولكنها تبقى في الأرض.
• حرق الوقود لإنتاج الكهرباء مثل حرق السيجارة يشفي شهوة قصيرة الأمد ولكن في آخر الشهر (السنة المالية) نجد أننا وقعنا في ما وصفه الأسبقين: “السلف تلف والرد خسارة”
والخسارة هنا مضاعفة لأن الغاز الذي تحرقه محطات الكهرباء هو نفسه المادة الخام التي يُصنع منها الكثير من السماد الكيماوي. وأترك تحليل العواقب للسادة الإعلاميين فهم أقدر على ذلك.
• ثبت علميا أن تدخين السجاير يعطل التفكير، بعكس القول المشهور: “خلليني أدخن سيجارة عشان أفكر برواقه”.
وهذا مرادف تماما للاستمرار في تشغيل المحطات بالوقود الحفري لأن ذلك يسحب السجادة من تحت صانعي القرار فلا يرون الهوة التي أمامهم.
ويستمرون في الوهم أن الكهرباء الحفرية ضرورية لاستقرار الشبكة أمام التقطعات التي تسببها الطاقات المتجددة. وهذا غير صحيح لو فهموا خميسة.
هانئ محمود النقراشي
عضو المجمع العلمي المصري
الرئيس الشرفي لجمعية البيئة العربية